لماذا ياأبت لاترفع يدك السمحاء أمام الشر القادمالجنرالات الآلات الدول الكبرى مسلاّت ملوك العرب الخصيان.
أعدت ديوان عبدالوهاب البياتي إلى الرفّ، لأني لم أعد قادرا على تصفحه ..مسكين سينضم هو الآخر إلى حائط الزمن وذكرياته الباهتة!! فلا شيئ يستحق القراءة!! العالم العربي أصبح مستعصيا على العقل وأدواته فما بالك على الشعر وهذيانه!!..كل مافيه يدور في حلقات هيرمينوطيقية( تأولية) مقفلة..لكي تقرأ عليك أن تضمر قدرا من الفهم المسبق، ولكي تفهم عليك أن تشق الطريق لقراءة (أبجدية ومعرفية ) صحيحة...تماما كما يفعل آثاري يعثر على رقيم مسماري ..لعل المثال الأوضح لهذه الدائرة التأولية المغلقة، ما لجأ إليه العقل الإسلامي في تفسيره للنصوص المقدسة..ففي لحظة ما يرسلك المفسّر القرآني، إلى إبن منظور، صاحب لسان العرب( القرن 13) وبعد أن تتكبد مشاق الطريق، وتصل بالسلامة، تتفاجئ بأن لسان العرب يشرح نفسه بآيات قرآنية، كنت تبحث عن تفسيرها أصلا؟؟
وبهذا ينطبق عليك المثل الشامي :تيتي تيتي مثل مارحتي جيتي..هذه الظاهرة كانت من حزمة الأسباب وراء ماأسماه ( غونتر لولينغ) الأميّة الخصائصية للإسلام ..فهو يزعم بأن التعليم المدرساني التلقيني( السكولاستيكي)في الثقافة العربية الإسلامية ..هو نشر أميّة عمومية، وتعليم ما هو غير طبيعي باعتباره طبيعي..ويعزو السبب أيضا الى علوم الكلام ( اللاهوت ) التي نحت منحا تبريريا وليس تنويريا، بسبب ثقافة الحصار التي فرضها الإسلام المبكر على نفسه ( لطمس معالمه الأولى، ولدرء خطر الفلسفة الرواقية والتراث الكتابي الرومانومسيحي ) وهذا يتمايز ويفترق مع مسارات أوروبا الوسيطة وصيرورتها المعرفية، إذ تمحورت الكنيسة آنذاك حول مركزية القربان المسيحي، كضمانة للخلاص ونيل ملكوت السماوات (عبر توزيعه أو حجبه )، وحول رطانة لاتينية لا تفهمها العامة، مما أتاح للعقل الفلسفي( خصوصا في التخوم ) حرية الحركة والتمرد والعصيان، الأمرالذي أثمر بعد نضال مرير إلى انتزاع عصا القيادة من يد الإكليروس وانزال المرجعيات ( القانونية والأخلاقية) من السماء إلى الأرض، ومن الأديرة إلى صندوق الإقتراع..
بالعربي الفصيح، نحن نتاج ثقافة مازالت تغني في الحمام وتطرب لنفسها. وللتوضيح أكثر: نحن أشبه بنادي بريطاني، أنشأته مجموعة من عشاق إحدى الروايات الخيالية( شارلوك هولمز ) وغريب ذلك النادي، ان أعضاءه تقمصوا تلك الشخصيات الوهمية وذابوا فيها ثم تنازعوا وتخاصموا حولها، وتعاركوا بالأيدي والمناكب، ونسوا أن تلك الشخوص محض خيال ! لكن المشكلة في هذا النادي تظل بسيطة، فكل ما تخلفه هو بعض الخدوش والكدمات والأثاث المحطم، ريثما تحضرالشرطة، وينقضي الأمر. في حالتنا تتعقد المشكلة!! ولن يأتي أحد، لأن السلطة والدولة والعامة والخاصة هم أهم مكونات أنديتنا الشارلكهولمزية.وما دام الأمر كذلك فما معنى إثارة مسائل العقل واشكالياته في مستشفى للمجانين ؟ كيف ستبدو موسيقى باخ في مضارب قبيلة شمر، أو أوبرا دون جيوفاني وسط دبكة حورانية صاخبة ومثيرة للغبار؟، هل ينفعك فوكو وأدواته المعرفية، إذا اعترضك نفر من فرق الموت !! وسألك أحدهم عن تاريخ وفاة الإمام التاسع( بالهجري)، أو موعد أربعينية الإمام الحادي عشر؟ماذا ستفعل لو كان الخطأ يكلفك ثقبا بالرأس!! ماذا تفعل بدريدا وهوسرل والظاهراتية( الفينومولوجيا)، إذا كانت سقيفة بني ساعدة مصدر السلطات!!
رددت ثانية ماعلق بذاكرتي من قصيدة البياتي:الجنرالات، الآلات، الدول الكبرى، مسلات ملوك العرب الخصيان وتساءلت إن نسيّ الشاعر شيئا، ولماذا سيرفع أبونا يده السمحاء ؟
نص جديد
الصدف اللعينة تأخذني إلى حيث لا تشتهي السفن.كنت في القاهرة ، إذاك قتلت فنانة تونسية على يد زوجها المليونير، الذي انتحر بعد نحرها.الأمر لم يعنيني البتة، فأنا لا أعرف الأحياء فما بالك بالأموات. ماشغلني وجع أسناني، التي اضطرتني للبحث عن ميكانيكي أسنان.في شارع 23يوليو، شاهدت الأعمدة العالية لمحكمة أعرفها من الأفلام السخيفة والجملة الأسخف ( حكمت المحكمة حضوريا على المتهم ) جلست في صالة الإنتظار، واستمعت إلى سكرتيرة الطبيب التي كانت تتحدث بأسف وحزن عن انتحار المليونير، الذي لن يدخل الجنة بسبب انتحاره!! كانت سيدة مرصوصة مثل كيس قمح..قلت لها : وكيف لك أن تعرفي أنه لن يدخل الجنة، ماذا لو أنه ذاد عن شرفه الرفيع، فحقت عليه الشهادة، وأصبحت الجنة مثواه ونعم المصير!! إرتبكت السيدة قليلا أمام نظريتي الخبيثة..لكنها سرعان ماغضبت عندما أخبرتها عن مقتي للجنة والحوريات والأنهار وعدم رغبتي بدخولها!! وخشيتي من رؤية زوجتي بصحبة أربعين حوري..( أعصابي لاتحتمل )!!نظرت إليّ بسخط وازدراء، لمحت قبضتيها القويتين اللتين تحركتا كقبضتي ملاكم، خفت على بقية أسناني ...فبحثت عن نعال قريب ، وضعته في فمي وسكتّ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق