في نشوة الفرح بالثورة المصرية والتدافع للتوقيع في سجل التهاني والتبريكات، لم تغب سوريالية المشهد المصري، وما تخللته من دراما، تقلبت بين عزيمة وإصرار الشعب وطرافة ودماثة شعاراته، وبين غلاظة وبلادة النظام التي تأرجحت بين الترهيب بالإف 16 نزولا لسكاكين البلطجة (في موقعة الجمل) وفي غمرة ذلك لم يغب عن البال الصور المتوارية للأحداث وما تخبئه الكواليس. صورأو تساؤلات سبق أن تركها كاتب السطور برسم ثوار 25 يناير:
إن بيان المجلس الأعلى للجيش والقوات المسلحة، الذي منح نفسه حق حكم البلاد لستة أشهر، أمر مثيرللقلق. فهذه المدة ورغم كل التطمينات كافية لإعداد الثورة المضادة. فالكلام عن وطنية الجيش وموالاته للشعب، أمرلا جدل فيه، لكن الأهم من ذلك هو موقف قياداته العليا التي تبدو أنها جزء عضوي من النظام السياسي:
ففي كلمته المقتضبة مساء الحادي عشر من فبراير أعلن النائب عمر سليمان أن الرئيس حسني مبارك قد تخلّى عن منصب رئيس الجمهورية (فقط) وليس عن كافة مناصبه.. وهذا أمر في غاية الخطورة لأن الرئيس السابق حسني مبارك ومنذ 14 اكتوبر 1981 هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما يعني ضمنيا أنه الرئيس الفعلي للمجلس العسكري الحاكم حاليا .. وعندما يقوم بنقل سلطات رئيس الجمهورية إلى المجلس المذكور، يكون قد نقل الصلاحيات من الرئيس حسني مبارك إلى الفريق الطيار حسني مبارك
عليه فإن مطلب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن منصبه كقائد أعلى للقوات المسلحة ضرورة ماسة وحيوية، وخطوة حاسمة لرفع الحصانة عنه وتمرير الدعاوى القضائية بحقه.
إن قرارتعليق الدستور وإلغاء مجلسي الشعب والشورى، إجراء شكلي بدون مضمون حقيقي. فهذه الأمور هي تحصيل حاصل، ناهيك عن أن الدستور والبرلمان في الأنظمة الإستبدادية، مجرد ديكورات شكلية لا قيمة لها
عليه فإن إلغاء قانون الطورائ والإفراج عن معتقلي الرأي، هو الإمتحان الحقيقي لإثبات حسن نوايا هذا المجلس العسكري (إنتهى)
صحيح أن (شخص) السيد مبارك قد غادر سدة الحكم (وإلى الأبد) لكنه لا يزال يتمتع بنفس صلاحياته السابقة، ولايزال يشكّل ملاط النظام ورافده المعنوي ومحرك خيوطه. وقد أخطأ من أسماه برأس هرم مقلوب، فالنظام الديكتاتوري أشبه بأخطبوط تشابكت أذرعه في بنية الدولة وخلخلت بناءها، فالدكتاتورية هي هرم حقيقي لعقلية إستبدادية أبوية تحتكر السلطة والثروة وتبتلع الدولة .
والمراقب المحايد لبيانات "الخونتا" العسكرية يلاحظ مايلي:
2ـ فضّ إعتصام ميدان التحرير قسرا، وذلك لشطب رمزية المكان وإلغاء حسّي لديمومة الثورة
3ـ حديث الخونتا العسكرية (والسيدة كلينتون) عن إصلاحات ووعود ببناء عملية سياسية ديمقراطية، هي محاولة لكسب الوقت وإجراء جراحة تجميلية لوجه النظام السابق وتمريربعض عمليات الترقيع وتبديل القبعات، وإضاعة الوقت في تعديلات دستورية كان قد أقرّها الرئيس المرتحل
4ـ إصرار الخونتا العسكرية على قانون الطوارئ تأكيدٌ على بقاء الهراوة الغليظة وممارسة القمع والإعتقال العشوائي لفرض الأجندة القادمة
5ـ تركيز الميديا على حرق معنوي لشخصيات بذاتها ومنع سفرهم وحجز أموالهم. جزء من خطة البحث عن أكباش فداء لتمييع أهداف الثورة التي ترمي إلى إقتلاع النظام برمته
6ـ حديث الميديا عن غيبوبة الرئيس السابق وكآبته وإمتناعه عن تناول الأدوية، إستدرار للعطف وتأكيد لغيابه من المشهد بما يجافي الحقيقة.
7ـ طلب الحكومة الحالية من بعض الدول تجميد أرصدة بعض المسؤولين الكبار (بإستثناء مبارك وأسرته) دليل قاطع على أن الأسرة وحاشيتها من المؤلفة جيوبهم لازالت تمسك خيوط اللعبة
سباق المسافات الطويلة
الملاحظ أن ردود الفعل الدولية فوجئت بإيقاع الثورة وسلميتها وأخلاقيتها وسرعتها..فلم تجد بدا سوى مباركتها والتغني بروعتها. وقد تجلى ذلك في كلمة الرئيس اوباما، التي وجهها للتاريخ، في لحظة شعر فيها أنه وريث مارتن لوثر كينغ وليس ممثلا لأمبراطورية الشيطان الأكبر. وبكل الأحوال فإن ما يجري في مكاتب الإدارة الأمريكية يختلف عمّا تبوح به الكلمات المعسولة، فهناك لا مكان للعواطف الجيّاشة وبلاغة الشعراء بل للاستراتيجيات والمصالح القومية، وفي طليعتها تهدئة روع إسرائيل التي بدأت بلطم الخدود وشق الجيوب.. فخسارتها لنظام مبارك لا يقل عن خشيتها من القنبلة الإيرانية.. وربما تكون كلمات شلومو غازيت المدير السابق للإستخبارات الإسرائيلية، التي وصف بها استراتيجية إسرائيل بعد سقوط الإتحاد السوفيتي، أكثر صدقا مما يذاع. يقول حرفيا::
إن مهمة إسرائيل لم تتغير أبدا، فموقعها داخل الشرق الأوسط ـ المسلم يجعل قدرها أن تكون حارسا مخلصا للإستقرار في البلاد المحيطة، وحماية الأنظمة القائمة، ومنع إنتشار الأصولية الدينية المتطرفة، وإن إسرائيل سوف تمنع أية تغيّرات خارج حدودها، ولو بإستخدام القوة العسكرية"
من هنا جاء التهليل الإسراـ أمريكي برجل السراديب والأقبية عمر سليمان، الذي لازال يقيم في قصر الرئاسة، لكن الرجل أحرق كل سفنه، فإرادة الثورة كانت أعلى من ألاعيب الوصاية على مقدراته.. وما يجري اليوم وراء الستار هو عملية أجاكس (بقفازات حريرية) وأقصد تلك العملية الأمريكية البريطانية السرية التي أطاحت بأول ثورة مدنية عرفها الشرق الأوسط، وهي ثورة الدكتور مصدق في إيران عام 1953.. آنذاك دُبر الإنقلاب بواسطة ضابط الإستخبارات الأمريكي ك. روزفلت، الذي أطلق مظاهرات يقودها بلطجية طهران، ورجال الدين، مع تنفيذ إغتيالات منظمة لقادة الثورة
.
اليوم يبدو أن سباق المسافات الطويلة، بدأ مذعورا ومرتكبا، بسبب الإنهيار المفاجئ والدراماتيكي لجدارالأمن المركزي، وقد تجلّى الإرتباك في صورة فرار السيارة الدبلوماسية ودهسها لأبرياء شارع قصر العين، بيد أن هذا السباق التقط أنفاسه أخيرا، وبدأ رحلة دهس الآمال العريضة للناس، من خلال محاولة وأد الثورة بإصلاح ترقيعي. ومن الواضح أن فصول "أجاكس" الجديدة يتم تنفيذها على أيدي عديدة منها الخونتا العسكرية.. وتتلخص بإعادة مكيجة النظام القديم ببعض المساحيق الديمقراطية، وتطعيمه مستقبلا بالإخوان المسلمين وبعض الليبراليين. وبهذا يتم إستقطاب الحشود الدينية للشارع. وزعزعة الطبقة الوسطى وإفراغ شحنتها الثورية.
إن محاولة كتلك ستساهم في شق الصفوف رأسيا وأفقيا، لأنها سوف تمتص تيار القرضاوي (الإخواني) الذي وضع كل بيضه في سلة الثورة. وسوف تُرضي تيار البابا شنودا وأمثاله، ممن جعلوا مبارك روحهم القدس.. إلا أن الكلمة الأخيرة لابد تكون لثوار 25 ينايرالذين صاغوا مشهد الثورة بشكل إيمائي.. عبّرت عنه مشاعر الغضب والتضامن والتراحم والمدنية والسلم، فالثوار أدركوا أنهم صوت الشعب، الأعلى دويا من صوت الرصاص، فبلغت رسالتهم وفهمها قادة الجيش. لكن التوجس والتخوّف من عودة الشاه بقناع جديد يبدو مبررا، بسبب كثرة المتربصين وأخطبوط نفوذهم وأموالهم. وبسبب وجود أغلبية صامتة ونسبة مرتفعة للفقر والأمية. قد تفتح الساحة لشراء الأصوات والذمم وعودة السماسرة وصيادي الفرص.
تعليقات حول الموضوع التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الحوار المتمدن وإنما تعبر عن رأي أصحابها | |||
العدد: 218134 | 1 - تحية وتعليق | ||
2011 / 2 / 17 - 12:19 التحكم: الحوار المتمدن | محمد أبو هزاع هواش | ||
تحية أستاذ نادر. تغيير النظام لم يحصل بل ماحصل هو إعادة ترتيب الأوراق لاأكثر ولاأقل. ماحدث ويحدث مثير ومهم والوقت هو ماسيكشف أوراق الجميع. الغريب هو وجود مبارك في مصر حتى الآن وكأنه مرتاح جداً ولاهم لديه كما يبدو وإلا لكان قد ترك البلاد. هذه أمور غريبة فعلاً. إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (33%) 2 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
العدد: 218164 | 2 - تحية للكاتب نادر قريط | ||
2011 / 2 / 17 - 14:44 التحكم: الحوار المتمدن | مكارم ابراهيم | ||
الكاتب القدير نادر قريط تحية طيبة لك سيدي وشكرا على المقالة التي تسلط الضوء على دور الجيش المصري الحالي في هذه الانتفاضة وهي مسالة شائكة جدا حاليا بالنسبة للمصريين فهناك من يرتاب لامرهم وهناك المدافع عنهم . إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (57%) 4 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
رد الكاتب-ة | |||
العدد: 218188 | 3 - تعقيب وشكر | ||
2011 / 2 / 17 - 16:27 التحكم: الحوار المتمدن | نادر قريط | ||
الأصدقاء الأساتذة: أبو هزاع ومكارم إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (64%) 7 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
العدد: 218195 | 4 - النفخ على اللبن | ||
2011 / 2 / 17 - 16:48 التحكم: الحوار المتمدن | عمران ملوحي | ||
مقالك موضوعي، وفيه كثير من الدقة.. وشكوكك في محلها، فالثورات التي أجههضت عبر التاريخ كثيرة، بدءاًمن ثورة الزنج في البصرة.. وتنبيهاتك صائبة... وثمة مثل شائع في بلاد العرب أوطاني!.. يقول في نصه الشامي: - من اكتوت شفتاه من الحليب الساخن، سينفخ على اللبن!... تحياتي لك.. إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (50%) 3 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
العدد: 218203 | 5 - تحليل واقعي وبمثابة نصيحة ثورية | ||
2011 / 2 / 17 - 17:16 التحكم: الحوار المتمدن | عدلي جندي | ||
الثورة والتحدي الحقيقي عدة نقاط أولهما تغيير كل الأنظمة وأدواتها بمعني إعلام إدارة تعليم تثقيف محو أمية ....وهكذا تغيير كل المنظومة الثقافية والعقائدية ..خطة مستقبلية أهداف وهكذا ولا يمكننا الحكم علي نجاح أو فشل أو ثورة مضادة دون إنتظار ما تسفر عنه الأيام من عزيمة قوية للتغيير ولذا صعب جدا أن نحكم أن وجود الحرس القديم يعني ثورة مضادة وكلنا مصريون وكلنا يتعرض لبيع الضمير ولكن لا يقبل الأصيل مهما إن كانت المغريات بيع ضميره وصمام الثورة في وجود شبابها علي الساحة وأعتقد أن الشباب لن يترك مصيره رهن مزاج ورغبة وديكتاتورية الحرس القديم إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (43%) 3 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
رد الكاتب-ة | |||
العدد: 218312 | 6 - تعقيب2 | ||
2011 / 2 / 17 - 23:22 التحكم: الحوار المتمدن | نادر قريط | ||
إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (62%) 5 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
العدد: 218367 | 7 - ثورة مضادة | ||
2011 / 2 / 18 - 04:21 التحكم: الحوار المتمدن | جاسم الزيرجاوي | ||
الاستاذ نادر تحية لك إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (57%) 4 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
رد الكاتب-ة | |||
العدد: 218395 | 8 - تعقيب3 | ||
2011 / 2 / 18 - 06:59 التحكم: الحوار المتمدن | نادر قريط | ||
أخي المهندس جاسم الزبرجاوي: أنا معك أن الثورة المصرية ليست كومونة باريس،فالنهر لاتسبح فيه مرتين كما يقال ..ما كتيته هوبدافع الحرص لأن هذه الثورة ليست أمل المصريين وحسب بل أمل العرب جميعا.. ما نرجوه النصر المؤزر للثورة ومحاكمة أركان النظام على ما تسببوا فيه من ويلات وجرائم .أرجو مشاهدة هذا الفيديو الخطير لتعرف ما أقصد: إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (78%) 7 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
العدد: 218412 | 9 - شكر | ||
2011 / 2 / 18 - 08:51 التحكم: الحوار المتمدن | جاسم الزيرجاوي | ||
الاستاذ نادر ..تحية وشكرا لك على الرابط المهم . إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (0%) 0 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
العدد: 218664 | 10 - اشكرك | ||
2011 / 2 / 18 - 22:32 التحكم: الحوار المتمدن | فضيلة يوسف | ||
اشكرك استاذ نادر انا عندي نفس الوساوس والمخاوف التي كتبت عنها وكنت اظن انني متشائمة إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (67%) 2 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
العدد: 218738 | 11 - سؤال | ||
2011 / 2 / 19 - 06:59 التحكم: الحوار المتمدن | احمد ناشر | ||
ماهو الفرق بين الجيش التونسي والجيش المصري أستاذ نادر؟؟ لماذا ليس للجيش التونسي وجود في المرحلة الانتقالية وتركها لحكومة مدنية تكنوقراطية بينما يستحيل ذلك في الحالة المصرية ؟؟؟؟ هل نلمس من هذا الفرق ان -بورفيبة- كان كثر حكمة وبعد نظرمن عبد الناصر واستطاع الفصل بين ماهومدني وعسكري عند اقامة الدولة التونسية؟؟ إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (0%) 0 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
رد الكاتب-ة | |||
العدد: 218769 | 12 - تعقيب 4 | ||
2011 / 2 / 19 - 09:24 التحكم: الحوار المتمدن | نادر قريط | ||
الأستاذة فضيلة يوسف: المديح الأمريكي للجيش المصري لا يبشر بالخير، فنفس الإدارة الأمريكية إستخدمت أمس حق النقض الفيتو ضد مشروع وقف الإستيطان الإسرائيلي؟ من هذين الموقفين يمكننا فهم الموقف الأمريكي إزاء منطقتنا إرسال شكوى على هذا التعليق قيم التعليق: (75%) 3 ![]() ![]() ![]() ![]() | |||
العدد: 218859 | 13 - الى الاستاذ القدير نادر قريط | ||
2011 / 2 / 19 - 13:29 التحكم: الحوار المتمدن | مكارم ابراهيم | ||
تحية من جديد استاذ نادر |
مع الأسف لا أحد يفهم
ردحذفطالما استمررنا في الاصرار علي دفن رؤوسنا في الرمال ومواصلة الاعتقاد في أن الجيش يقف الي جانب الشعب وأنه نحي مباراك استجابة لرغبة الجماهير ونرولا علي الارادة الشعبية فقل علي هذه الثورة يا رحمن يا رحيم
قد تتعاطف الطبقات الدنيا والوسطي من الضباط و المجندين مع ما يواريها في عموم الشعب المطحون و هذا في الواقع ما ازعج الطبقات الغليا من قيادات الجيش المرتبطة ارتباطا عضويا مع النظام السابق فتحركت في الوقت المناسب للحفاظ علي مصالحها ومصالح القوي الكونية التي تحرك النظام بازالة بعض الوجوه المحروقة منه
ان القوي الكونية المحركة للنظام السابق ماعندهاش عزيز ولاغالي وبالتالي فهي لامانع عندها من التضحية بحسني مبارك نفسه اذا لزم الامر و هذا بالضبط هو ما حدث يوم 11 فبراير وعليه فان قيادات الجيش العليا تتظاهر فقط الان بالاستجابة لنداء هيكل والقيام بدور الضامن لانتصار الثورة بينما هي في حقيقة الامر تنفذ تعليمات القوي الكونية والتي تتلخص في تقديم التنازل الشكلي وراء الاخر بغرض القضاء علي الحالة الثورية عند الغالبية الساحقة من الجماهير
ان القضية الان ليست فى أحمد شفيق أو أمن الدولة أو حتي حسني مبارك نفسه فعلي العكس من عناد وشخصانية الاخير تتحلي القوي المذكورة بعقلانية تامة وهي مستعدة اذا لزم الامر ان تعطى الضوء الاخضر لعرابي سياستها الحاليين المتمثليين في قيادات الجيش باتضحية بكل هؤولاء اذا اشتدت حدة المظاهرات وهو ما قد يعتبره ضعاف العقول من الثوار نصرا يطمئنون به و يركنون اليه بينما هو لايعدوا كونه جرعة مسكنة جديدة
ان النصر الحقيقي للثوار انما يكمن في تصعيد الصدام بين جموع الشعب الغفيرة من جانب وبين الجيش من جانب أخر فان ذلك حقيق أن يسرع من الفرز المحتوم داخل الجيش بين الغالبية الساحقة من الظباط والمجندين التي لابد وأن تنحاز الي صفوف الجماهير في النهاية وبين قياداتها التي لاأتصور كيف يشك عاقل في ولائاتها الحقيقية وربما يري البعض في كلامي هذا دعوة للعنف ولكن التاريخ يعلمنا أن كل الثورات الناجحة لم تكن سلمية
لدي نفس الشكوك التي عبر عنها وبذكاء الاستاذ نادر قريط . يبدو لي بان الجيش كمؤسسه اضطر الى المهادنه في سبيل كسب الوقت لانجاز مهمه تسلق اكتاف ألثوره وتبني مسمى الثوره والتمويه على الاهداف الحقيقيه للثوره ألشعبيه وابقاء الاطار والتمشدق في الحديث عنه ومديحه على امل تفريغه من محتواه خصوصا بعد ان يدق اسفين الاختلاف بين عناصر الثوره المختلفه وبحجه ألحفاظ على مكتسبات الثوره ستقمع الثوره الحقيقيه ويتم لفلفه أهدافها .في احدى ألبرامج ألمخصصه لمناقشه احداث المنطقه ألعربيه ظهر أمس على القناه الثانيه الهولنديه ممثل حزب الليبرالين ألحاكم والذي كان قد زار ألقاهره مؤخرا وقابل احمد شفيق ويقول بانه قد فوجيء بان احمد شفيق يتحدث عن الثوره وكانه أحد ابناؤها واحد المخططين لها !!!! ولاحظ أيضا ممثل الحزب الليبرالي بان ألتلفزيون المصري لايقدم ولايقابل أي من قاده الثوره وبأن التلفزيون المصري لايزال يقدم برامجه بنفس النهج التقليدي ألمهادن .
ردحذفلذا اقول لابطال ألثوره حذاري ثم حذاري فسينقلبون عليكم .
أستاذ نادر:
ردحذفمعك الحق فيما تقول و كثير من شباب و شيوخ الثورة يرون ما تراه و لكن بعد تفريغ الدولة من مؤسساتها كالرئاسة و البرلمان و الشرطة و الوزارة لم يعد إلا الجيش الذي لا ننكر موقفه في مساندة الثورة بتطميناته عن عدم إستخدام العنف ( حتى و لو أراد القادة إستخدام العنف، أنا بصفة شخصية كنت واثق بأن الجيش لم يكن لينفذ هذا الأمر)
بالإضافة أن الجيش يتميز بأن نوعية الفساد الموجودة هي من النوع "السوبر" أي قاصر فقط على القمة حيث عمولات السلاح أما أغلب جسد الجيش فهو سليم حيث لم يكن منخرطا في الحياة العامة و لم يتلوث كالشرطة مثلا.
لكن هناك من الأخطاء التي تصدر عن الجيش و التي سمحت بظهور ذلك الشعور بالثورة المضادة من عنف في يوم 9 مارس باركه الأغلبية الصامتة كالعادة رغبة في الرجوع لنمط الحياة اليومي المعتاد من قبل، إستمرار فاسدي و منافقي الإعلام المكتوب و المرئي، السماح بإستمرار شخصيات فاسدة و معرفة في أماكن مهمة لفترة تتيح التخلص من كم هائل من الوثائق التي تدين النظام السابق، التخويف المبالغ فيه من الآثار السيئة على الإقتصاد و ما إلى ذلك، حتى حكومة شفيق لم تسقط إلا بعد ضغط شعبي و السماح للبرادعي بالظهور مرة إخرى كان أيضا بضغط. و لكن البديل المطروح هو مواجهة الجيش و الذي ينعم برضى شعبي حتى من الكثير من المتظاهرين حيث يحدث الخلط بين الضابط المهذب الذي يتعامل معه و القادة في المجلس العسكري و الذي من المؤكد أيضا أنه يضم عدد من الشرفاء
د. محمد أبو السعود