محمود يوسف بكير
تحدثنا فى الجزء الأول من هذه السلسلة عن المبادئ العليا التي تربط بين الأديان جميعاً وكيف أن الفكر البشرى المغرض أدى الى تعقيد هذه المبادئ البسيطة وخلق معتقدات دينية لا تتماشى مع المنطق والعقلانية ، وهكذا تحول الدين إلى أيديولوجية صارمة تناصب من لا يعتنقها العداء والكراهية . وبدأنا نسمع عن صراع الحضارات وما صراع الحضارات هذا إلا صراع للأيديولوجيات الدينية وعلى وجه التحديد فإن ما نشهده الآن هو صدام للإسلام المسيس ( Politicized ) مع معظم الأديان الأخرى خاصة اليهودية والمسيحية والى حد ما الهندوسية ، وإذا ما نظرنا إلى الصراعات الحالية على وجه الأرض فسنجد فى الغالب أن أحد أطرافها من المسلمين .
والأخطر من هذا أننا نشهد أيضاً صراعات وصدامات داخل المعسكر الإسلامي نفسه وهى صراعات فكرية ومذهبية ومفهومية شرسة وعلى سبيل المثال فإنه يكفى أن تقوم بأى محاولة للاجتهاد في تفسير نص معين أو أن تفكك قاعدة شرعية معينة بطريقة غير تقليدية حتى تتهم بالزندقة ويتم تكفيرك وإخراجك من الملة وربما إقامة ما يسمى بحد الردة عليك .
لماذا تلاشت مساحة التسامح مع الآخر في مجتمعاتنا الإسلامية ؟ ولماذا تعانى الدول العربية من الفساد والاستبداد وتدهور الأحوال المعيشية لمواطنيها ؟ ما الذي أدى بنا إلى هذا المنحدر ؟ وهل مشكلتنا ثقافية بالأساس ؟
أننا نقوم بمحاولة للإجابة على هذه التساؤلات وبداية فإننا نقر بأننا لا ندعى امتلاك الإجابة أو الحقيقة وان كل ما نقوله صواب لا يحتمل الخطأ ، إننا نجتهد وندعو غيرنا للاجتهاد من أجل الوصول إلى تشخيص الداء وهو البداية الحقيقية للعلاج . إننا ندعو للاجتهاد القائم على العقلانية والمنطق واحترام الآخر .
وبداية نطرح بعض المفاهيم والمعتقدات الدينية الهامة والمؤثرة فى حياة المسلمين والتي نعتقد بأمانة أنها لا تستقيم مع المنطق وأدت إلى تبعات وخيمة وآثار سلبية على مسيرة المجتمعات العربية الإسلامية . ونحن نؤكد هنا أن هذه المفاهيم والمعتقدات ليس لها علاقة مباشرة مع الإسلام الأصيل وإنما هى وليدة الفكر الإسلامي عبر العصور .
(1) مفهوم أن الإسلام دين و دولة:
يعارض أئمة الفكر الإسلامي التقليدي أهم مبدأ من مبادئ الحداثة التي قامت عليها الحضارة الأوربية إلا وهو مبدأ فصل السلطة الدينية عن سلطة الدولة بدعوى أن الإسلام منهج حياة متكامل ولا يمكن فصله عن أي منحى من مناحيها .
ولو أننا أمعنا النظر في كل دول منطقتنا العربية لوجدنا أن من يسمون بعلماء الدين مفصولين تماماً عن مجتمعاتهم وأنهم يطبقون فصلاً قسرياً للدين عن المجتمع وإلا كيف نفسر صمتهم الرهيب الذي يصل إلى حد المؤامرة عن الفساد والاستبداد والتخلف السائد في العالم العربي ، هل رأيتم بالله عليكم أى عالم ديني بارز في أي دولة عربية ينادى بالديمقراطية ومحاربة الفساد ؟ كيف يدعى هؤلاء أن الإسلام دين ودولة وقد تجاوز الفساد والاستبداد كل حدود الحياء والحذر تحت ناظريهم ؟ ألا يشعرون بالخجل والعار وهو يتوشحون بالصمت إزاء معاناة شعوبهم من القهر والنهب والظلم والامتهان ؟ ألا يعتريهم أي إحساس بالذنب وهم يغضون الطرف عن مظاهر التخلف من حولهم حتى أصبحنا أضحوكة العالم ؟
والعجيب أننا نرى هؤلاء الدعاة مشغولون بالإفتاء في توافه الأمور مثل حرمة إقامة التماثيل ومس المرء لأعضائه التناسلية وحكم رضاعة الكبير والتكييف الشرعي للحقنة الشرجية في نهار رمضان ولكنهم لا يفتون في مسائل أخرى مثل تزوير الانتخابات وسحل المتظاهرين ضد الفساد والاستبداد كما حدث في مصر.
أين هو دور الدين في مجتمعات تنهار من أساسها يا سادتنا الأفاضل من العلماء والعوالم يا من تطلون علينا على مدار الساعة في كل الفضائيات ؟ الم يحن الوقت بعد لمناصرة شعوبكم وأن تعملوا قليلاً من أجل أوطانكم وتنسون جيوبكم ولو ليوم واحد ؟
والخلاصة أن تحالف علماء الدين مع السلطة الحاكمة أياً كان لونها عبر تاريخ الإسلام وتكفيرهم لمعارضي السلطان حتى ولو كان مستبداً وفاسداً أدى إلى تقبل الناس للظلم والصبر على الفساد بلا حدود خوفاً من مخالفتهم لتعاليم هؤلاء العلماء وتعرضهم لغضب الله . والسؤال هل يمكن أن يكون الدين منهجا لحياة عفنة ؟ لقد جعلني مسلك علماؤنا الأفاضل أفهم أخيراً معنى الدعاء القائل : اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا .
إننا ندعو الى فصل الدين عن الدولة لسبب بسيط وهو أن الدولة أصبحت توظف هؤلاء الدعاة المنافقين من أجل الهاء الناس عن قضاياهم الحقيقية وشغلهم في أمور شرعية لا تقدم ولا تؤخر بينما الفساد يرتع ويمرح بلا رقيب وشبابنا الضائع ينجرف نحو الإرهاب بعد أن يأس من حاضره البائس ومستقبله المظلم .
سوف نكون أول من يؤيد عدم فصل الدين عن الدولة عندما يتحلى هؤلاء المتاجرون بالدين بالشجاعة ويوظفون الدين من أجل تقدم شعوبهم وأوطانهم والإسلام يحتوى على الكثير من المفاهيم التي يمكن أن تخرجنا من نفق التخلف الذى أدخلنا فيه علماؤنا الأفاضل منذ قرون .
(2) مفهوم تقييد العقل وتحريم التفكير:
هذا المفهوم غير معلن صراحة ولكن رجال الدين الإسلامي يشجعون الناس وبشتى الطرق المباشرة وغير المباشرة على عدم إعمال عقولهم والتوجه إليهم في كل كبيرة وصغيرة والمشاهد للقنوات الفضائية العربية سوف يلاحظ أن المتصلين يسألون في كل شيء مثل كيفية مضاجعة الزوجة من منظور إسلامي وأحكام الغسل من التبرز وهل يصح أن نتبول واقفين وسماع الموسيقى ومشاهدة التليفزيون والذهاب إلى السينما وكيفية دخول الحمام وكيفية الخروج منه وحكم مشاهدة كرة القدم ولعب الشطرنج وتحية الكفار وما هو أفضل وقت لتناول طعام العشاء 000 الخ .
لم نسمع أبدا أي داعية من هؤلاء الدعاة التلفزيونيين يطلب من المشاهدين الكف عن الأسئلة السخيفة والتافهة أو أن يحثهم على الاجتهاد ومحاولة البحث بأنفسهم عن إجابة لأسئلتهم الساذجة ، بل أنهم يخشون تذكيرهم بالحديث الشريف القائل أستفتي قلبك ولو أفتوك .
إن من يشاهد هذا الكم الكبير من برامج الفتاوى يحسب ان الإسلام قد نزل من السماء للتو وأنه لم ينزل منذ أكثر من أربعة عشر قرن خلت .
وما أود أن أؤكد عليه هنا أن هؤلاء الدعاة والفقهاء سعداء للغاية بحالة التسطح العقائدي والكسل الفكري والتواكل المعرفي السائد بين المسلمين بل أنهم يشجعون على هذا إذ أن جل ما يعنيهم هو المحافظة على هيبتهم ونفوذهم بأي ثمن حتى ولو كان الثمن ضياع أوطانهم وشعوبهم ، أنهم يخشون أن تتحرر عقول المسلمين من سطوتهم .
إن إخافتهم لنا من عقولنا أدت الى قتل روح الإبداع لدى المسلمين وتوقفهم عن أي إسهام حضاري بنّاء في كل المجالات العلمية والأدبية والفنية والاجتماعية 000 الخ .
ومن المسائل الغريبة المرتبطة بهذه النقطة أيضاً هو تفسير هؤلاء الدعاة لكلمة العلماء التي وردت فى القرآن الكريم كثيراً على أن المقصود بها هم علماء الدين فقط وليس علماء الطبيعة أو الطب أو الهندسة مثلاً وفى هذا تحقير لهذه العلوم وتقليل من أهميتها ولا أدرى ما المانع أن نقول أن المقصود بالعلماء هو كل العلماء بما فيهم علماء الدين حتى لا يقال أننا نقلل من شأنهم .
(3) مفهوم المواطنة :
يرى معظم رجال الدين فى المجتمعات الإسلامية ذات الأقليات غير المسلمة أن الأغلبية المسلمة هي الفئة المنتمية حقيقة إلى الوطن، أما تلك الأقليات فأنها تمثل مجموعات غريبة عن هذه الأوطان هذا بالرغم من أن بعض هذه الأقليات ربما تكون أقدم وجوداً من المسلمين أنفسهم داخل هذه الأوطان ، وبمعنى آخر فإنهم لا يقرون بمبدأ المواطنة وأن الدين لله والوطن للجميع وهكذا يؤمن معظم رجال الدين الإسلامي التقليديون وهم الأغلبية بأنه ينبغي التمييز بين المواطنين على أساس انتمائهم الديني وأنه لا يصح شرعاً أن يتساوى المسلمون مع غير المسلمين فى الحقوق داخل الوطن الواحد وأن الأقليات غير المسلمة بمثابة مواطنون من الدرجة الثانية ( أهل ذمة ) .
وقد ترتب على هذا المفهوم الخاطئ شيوع النزعات الاستقلالية وعدم الاستقرار في كل المجتمعات الإسلامية ذات الأقليات غير المسلمة .
إن معظم البلاد العربية مهددة بالتفكك إلى دويلات بسبب هذا المفهوم المغلوط وإنكار حق المواطنة الكاملة لغير المسلمين . لقد انهار مفهوم الوحدة العربية بعد هزيمة يونيو 1967م وها نحن نتجه إلى المزيد من التفكك حتى على مستوى الدولة الواحدة بسبب هذه المفاهيم العنصرية والرجعية التى تغذيها تيارات دينية متطرفة لا تأبه لمصلحة الوطن ككل .
هذا وسوف نتناول في الجزء القادم المزيد من هذه المفاهيم ذات الصبغة الدينية الخاطئة .
*مستشار اقتصادي مصري
MahmoudYoussef@hotmail.com
والله انا خفت وفكرت اللي كاتب المقال هوي الاستاذ نادر قريط وفكرت بين حالي انو ممكن يكون غير أفكارو ؟؟ لانو مع احترامي لرأي السيد المستشار الأقتصادي المصري هو ان الأسلام هو اصل تخلف المسلمين منذ نشأته وأفكار الاسلام هي نفسها افكار هدامة ومتخلفة وظلامية .
ردحذفلا يا سيدي المستشار لم يحدث خطأ في تفسير نصوص القرأن أو الأحاديث بالعكس تماما فالمسلمون فسروا قرانهم وأحاديث رسولهم بشكل مجمل ومنمق لعل وعسى يستسيغه بعض من حولهم .
ولو فسروه بحقيقته لكنا في دوامة حروب وصراعات لن تنتهي .
فكيف لك يا سيدي المستشار المتعلم والمثقف ان تقتنع بأفكار رجل كان يفاخذ طفلة في السادسة من عمرها ويستمني بين فخذيها ثم يقضي نهاره وليله بمضاجعة نساءه التي وهبن له انفسهن بمشيئة الهية .
ارجو من السيد نادر قريط عدم نشر مثل هذه المقالات التي تحاول ( عن قصد او عن غير قصد ) تجميل هذا الوجه البشع لانه اصبح كوجه مايكل جاكسون ( يعني ما في منو رجاء)