الشّيطان يسكن في التّفاصيل : تعقيبا على مقال نادر قريط
بقلم محمد الحاج سالمتاريخ النشر: 2008-06-25
نشر الأستاذ نادر قريط على موقع الأوان مقالا طريفا بعنوان «اكتشاف الشّيطان: مقدّمة حول تياّر نقد التّاريخ» تناول فيه طروحات ما يعرف في أوروبّا بتيّار النّقد التّاريخي، وذيّله بعرض موجز باللّغة العربيّة لنصّ للمؤرّخ الألماني المختصّ في التّاريخ الإسلاميّ (أوفه توبر) Uwe Topper يمكن اعتباره نموذجا عن أبحاث ممثّلي التيّار المذكور وما يطرحونه من إشكاليّات وما يستخدمونه من أدوات تحليل. نصّ الأستاذ توبر قليل الأهميّة بالنّسبة للجمهور العريض إذ يتناول مجلّة ألمانيّة تهتم بمسائل التّقويم الزّراعي، رغم اسمها العربيّ (المناخ) وعراقتها إذ لم تكفّ عن الصّدور تباعا منذ القرن 15 م. إلاّ أنّ تضمّن نصّ الأستاذ توبر نقاشا لما يطرحه أحد علماء الأندلس في القرن 10 م وهو ابن عاصم الغرباليّ الأندلسيّ في كتابه «الأنواء والأزمنة» أثار بعض الفضول العلميّ لدينا خاصّة مع ذهاب توبر مذهبا غريبا في تأويل ما توصّل إليه ابن عاصم من دقّة في تحديد مواعيد بعض الأعياد المسيحيّة، وهي الدقّة التي رأى توبر استحالة أن يتوصّل إليها عالم من القرن العاشر للميلاد ما لم يكن مطّلعا على مسألة التّصحيح الغريغوري للتّقويم المسيحي الغربيّ الذي تمّ سنة 1582 م، وهو ما يعني أحد أمرين: إمّا أنّ ابن عاصم الأندلسي قد عاش بعد القرن 16 م ولم يؤلّف كتابه إلاّ بعد حصول التّصحيح الغريغوري (بعد سنة 1582م)، أو أنّ الكتاب نفسه مؤلّف بعد القرن 16 م ومنحول لابن عاصم من قبل بعض كبار علماء الدّين المسيحيّ بغرض إضفاء صبغة القدم عليه خدمة لأهداف مريبة للكنيسة الكاثوليكيّـة (!).
وليس الغرض من هذا المقال التصدّي لطروحات تيّار النّقد التّاريخي ونقدها، وهو ما نأمل أن يقوم به الأستاذ قريط قريبا على هذا الموقع لأهميّته البالغة في تعريف الجمهور الواسع للموقع على الآليّات المعتمدة عند هذا التيّار في تحليل بعض القضايا الموقوفة في التّاريخ العربي الإسلامي، وإنّما سبيلنا هنا فحسب التّعليق على ما طرحه توبر في نصّه بشأن ابن عاصم وكتابه (بحسب ما ينقله الأستاذ قريط)، وذلك لسببين على الأقلّ: الأوّل أنّ السيّد توبر يريد أن يبدو، من خلال تصدّيه لمناقشة كتاب الأنواء لابن عاصم الأندلسي، متخصّصا في مسائل التّقويم الفلكيّة بما فيها التّقاويم العربيّة القديمة (خاصة التّقويم النّوئيّ الذي يعود إلى الحقبة الجاهليّة في الجزيرة العربيّة) والحال أنّ جملة المقدّمات التي يبني عليها تساؤلاته وبالتالي استنتاجاته الخطيرة – بحسب ما يورده الأستاذ قريط طبعا– لا يمكن إلاّ أن تنمّ عن عدم معرفة كافية بعلم التّقاويم العامّ بما في ذلك التّقاويم الدّينية كالتّقويم العبريّ والتّقاويم المسيحيّة: الجوليانيّ والغريغوريّ والملكانيّ والنّسطوريّ واليعقوبيّ، إلخ... ناهيك عن معرفته بالتّقاويم العربيّة القديمة منها (السّبئيّ والبابليّ والحبشيّ والسّواحيليّ والشّحريّ وغيرها، وخاصة التّقويم العربيّ الجاهليّ النّجميّ-القمريّ المعتمد حساب الأنواء وهو تقليد بابلي عريق اعتمده ابن عاصم في حساباته)، أو المستحدثة نسبيّا والمشتقّة من التّقويم النّوئيّ عند القبائل العربيّة حاليّا (مثل تقويم الخلاّوي في الحجاز وتقويم القطريّ في نجد...إلخ). ولعلّ أهمّ ملاحظة في هذا الشّأن تتعلّق بعدم قيام توبر بمقارنة معلومات ابن عاصم بما يوجد من تفاصيل في المصادر العربيّة المختصّة في التّقاويم القديمة (كتب الأنواء) التي كانت دارجة على عهده أو قبله بقليل، إذ من شأن هذه المقارنة أن تخفّف من مغالاة توبر بشأن استنتاجاته الخطيرة بخصوص تاريخيّة ابن عاصم وكتابه، والشّيطان لا يكمن عادة إلاّ في التفاصيل على رأي البعـض.
والأمر الثّاني أنّ السيّد توبر يبني على مقدّماته غير الموثوقة افتراضا خطيرا مفاده أنّ ما يطرحه ابن عاصم ليس له إلاّ تفسير واحد هو إطّلاعه على التّقويم الغريغوري وجملة الإصلاحات المدخلة على التّقويم الجولياني والحال أنّه عاش قبل 500 سنة من تاريخ حصول هذا الإصلاح. ومن هنا يطرح السيّد توبر سؤاله الخطير: لم لا يكون كتاب ابن عاصم أحد مزوّرات القرن 16م ؟ وهو ما يفتح جدالا عميقا حول مسألة تمسّ تراثنا العلميّ العربيّ في العمق لخّصها الأستاذ قريط بمطالبته "أهل الحلّ والعقد، مراجعة الدّور الموريسكيّ، وأثره في صياغة جزء مهمّ من تاريخنا، فهناك شكوك كبيرة تحوم حول مجمل الصّورة التّاريخيّة، ولا تستثني حتّى أمّهات الكتب: كالمقدّمة ذائعة الصّيت لابن خلدون، التي تترك انطباعا وفضاء عقليّا، يوحي بأنّها هي الأخرى قد تعرّضت لعبث أصابع أحد موريسكييّ الأديرة المسيحية"(!). أليس في وصول الأمر إلى هذا الحدّ من التشكّك عند صديقنا الأستاذ نادر قريط ما يدعو إلى النّظر جدّيا في ما يطرحه الأستاذ توبـر ؟
قبل الغوص وراء ما يناقشه أوفه توبر من تفاصيل بشأن مواعيد الأعياد المسيحيّة الواردة عند ابن عاصم الأندلسي ليبني عليها استنتاجاته المشككة في الرّجل أو في الهدف من كتابه، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ تحقيق كتاب ابن عاصم من قبل الإسباني ميغيل فوكودا مينيوز في برشلونة 1993 باستخدام مخطوط عربيّ موجود في إستانبول ومؤرّخ بعام 497 هـ ( 1104م) قد مثّل مفاجأة سارّة إذ كان الاعتقاد إلى حدّ الاطلاع على مقال الأستاذ نادر أنّ الكتاب لم يحققّ بعد [ 1]. أمّا وقد تمّ تحقيقه، فإنّ الردّ على الأستاذ توبر، واعتمادا فحسب على نصّ الأستاذ قريط، سيكون بخصوص ثلاث نقاط هي مناط شكّه في حقيقة شخصيّة ابن عاصم أو حقيقة كتابه، وسنعمد كلّ مرة إلى الاستشهاد بكتابات عالمين عربيّين في علم التّقاويم معاصرين لابن عاصم وهما أبو عليّ المرزوقي [ت 421 هـ] في "كتابه الأزمنة والأمكنة" [2 ] وأبو الرّيحان البيروني [ت 440 هـ] في كتابه "الآثار الباقية عن القرون الخالية"[3 ]، وهي النّقاط التي نردّ عليها تباعا بما يلـي:
1- يندهش توبر من دقّة ابن عاصم في تحديد يوم 21 مارس موعدا للاعتدال الرّبيعي "فمن المفترض أنّه عاش حوالي 1000م والمفروض حينها أنّ يبلغ الخلل في السّنة اليوليانيّة ستّة أيّام، فلا بدّ أن تكون بداية الرّبيع أيّامه تطابق 15 مارس"[4 ]. ومن هنا يستنتج توبر أنّ ابن عاصم "لا بدّ وقد اطّلع على إصلاح تقويم غريغور" (وقد تمّ سنة 1582م). أمّا تحديد ابن عاصم يوم 22 مارس موعدا "لدخول الشّمس برج الجدي وهذا يصادف يوم خلق العالم"، فقد أثار شكّ الأستاذ توبر إذ هو "يشي بحساب كاثوليكيّ... فالمسيحيّون من الأندلسيّين المستعربين، كانوا يحتفلون بيوم الخلق تماما كالأرثودوكس في 25 مارس!"، ومن هنا سؤاله التّشكيكيّ: "كيف توصّل ابن عاصم إلى هذه المعلومات، وهو يزعم بأنّه أخذها عن الأسبقيـن ؟ ".
بخصوص هذه النّقطة، نقول إنّ تحديد موعد دخول الشّمس برج الحمل (وليس برج الجدي كما أثبته الأستاذ نادر قريط سهوا على ما يبدو) يوم 21 مارس كان أمرا مقرّرا عند جميع الأمم تقريبا منذ اكتشاف قدامى المصريّين مسألة مبادرة الاعتدالين (la précession des équinoxes) أي تأخّر النّجوم عن مطالعها بتقدّم الزّمن، ولعلّ أهمّ من أشار إلى هذه المسألة من قدامى المصريّين عمدة الجغرافيّين بطليموس (Claude Ptolémée) المتوفّى حوالي سنة 138 ق.م في كتابه الشّهير (المجسطيّ Almageste) حين حدّدها بيوم واحد كلّ 100 سنة قبل أن يصحّح الفلكيّون العرب المسألة ويحدّدوها بيوم واحد كلّ 72 سنة، وهذا هو الحساب الصّحيح للمبادرة المعتمد عند الفلكيّين المعاصرين[5 ]. فموعد الاعتدال الرّبيعيّ الطبيعيّ ولئن كان يتقدّم سنويّا عن يوم 21 مارس، إلاّ أنّ موعده الفلكيّ ثابت بفعل تصحيح علماء الفلك دوريّا في أزياجهم (الجداول الفلكيّة) لمواعيد مطالع النّجوم بحسب ما تقتضيه مبادرة الاعتدالين، وما التّصحيح الغريغوري إلاّ خطوة في سبيل الحفاظ على موعد ثابت لحلول المواسم الطبيعيّة بما فيها موعد الاعتدال الرّبيعيّ، وهو ما كان يفعله علماء الفلك منذ أقدم الأزمنة في أزياجهم دون الوصول به إلى درجة التّصحيح المعلن لعموم النّاس [6 ]. وإذا ضربنا صفحا عن بعض أقوال أصحاب الفقه والتّفسير المسلمين من ذوي الإطّلاع المحدود على علم الفلك ممّن نقل ما يتعلّق بالتّقاويم في سياق كتبهم نقلا أعمى دون فهم، وهو ما أوقعهم في أخطاء جسيمة، ونحن نقول بعضهم لأنّ منهم من كان مرجعا في معلوماته الفلكيّة كفخر الدّين محمّد بن عمر الرّازي [ت 606 هـ] مثلا في تفسيره المسمّى مفاتيح الغيب، فإنّه يمكن القول إنّ جلّ المختصّين في علم الفلك وحساباته من العرب لم تفتهم هذه المسألة وعلى رأسهم أبو يحيى محمّد بن كُناسة [ت 207 هـ]، ثمّ تابعه أبو حنيفة أحمد بن داود الدِّينَوَرِي [ت 282 هـ] وأبو إسحاق إبراهيم الزجّاج [ت 311 هـ] وأبو الحسين عبد الرّحمان بن عمر الصّوفيّ [ت 374 هـ] وأبو عليّ أحمد بن محمّد المرزوقيّ [ت 421 هـ] وأبو الرّيحان محمّد بن أحمد البيرونيّ [ت 440 هـ] وغيرهم كصاحبنا ابن عاصم الغرباليّ الأندلسيّ [ت 403 هـ]... ونكتفي هنا بذكر مثال واحد يتصل بدقّة ما وصل إليه رصد بني الأعلم الذي تمّ سنة 250 هجريّة ببغداد إذ تحدّد بموجبه تأخّر مطالع النّجوم بمقدار درجة واحدة كلّ سبعين سنة، وهو نفس ما توصّل إليه بعد نصف قرن أبو عبد الله الصّابئ المعروف بالبتّاني [ت 317 هـ] في زيجه سنة 299 هجريّة وطابقه رصد الفلكيّ الكبير نصير الدّين أبو عبد الله محمد الطّوسيّ بمراغة (إيران) سنة 639 هجريّـة[7 ].
فإذا ما كان توبر يعتقد بحق "أن بروتوكلات اللجنة المحيطة بغريغور، تجعلنا نستنتج أنها اعتمدت جداول فلكية عربية وفارسية وهندية"، فإن قوله إن "تثبيت نقاط الكاردينال (بداية الربيع) على 21 مارس ليس له معنى فلكي، لأنه مجرد فكرة نشأت في محيط غريغور، وقرار سياسي محض، تم تعليله بضرورة إعادة الوضع الفلكي كما كان سائدا أثناء مؤتمر نيقيا الكنسي عام 325 م" يصبح غير ذي معنى اللهم إلا أن يكون ذاك المعنى الذي نريده، أي اعتماد البابا غريغور الثالث عشر جداول فلكية عربية وفارسية وهندية (وكلها تمتح من علم الفلك العربي)، وهو ما حمى حساباته من الخطأ الذي سيقع فيه توبر بعد خمسة قـرون (!).
أما عن معرفة ابن عاصم بتوافق موعد الاعتدال الربيعي مع «عيد الخلق» عند المسيحيين الأرثوذكس، فهذا أمر لم يختصّ به ابن عاصم إذ هو معروف عند القاصي والداني ممّن يهتم بالتقاويم وخاصة العرب. بل نضيف إنه لم يكن عيدا خاصا بالمسيحيين إذ هو من جملة الأعياد المنقولة عن الديانات "الوثنية" السائدة في عموم المنطقة العربية القديمة في احتفالها بعيد دخول الربيع بوصفه عيدا للخلق يتم فيه استذكار الزّواج البدئيّ (زواج الآلهة) واستعادة طقوس الخصوبة الجنسية بناء على اعتقاد مفاده أنّ العالم يعيد ولادة نفسه كلّما تمّت محاكاة الزّواج المقدّس الأوّل، وبالتّالي فإنّ القيام به كان من شأنه أن يهب النّاس الخصب والوفرة والنّماء [8 ]. وللدلالة على ذلك، نشير فحسب وبعجالة إلى أن هذا الاحتفال كان معروفا عند البابليّين [9 ] في احتفالهم بمطلع السّنة البابليّة الجديدة (الأكيتو Akitu) مع بداية فصل الربيع [10 ] أول شهر نيسان البابليّ، قبل أن يطال هذا التأثير المجال الحضاري الفارسي القديم برمته من خلال الاحتفال بـ«عيد النّيروز» بوصفه عيد تجدّد الحياة مع قدوم الرّبيع [11] وعودة المخلّص (مترا) الوسيط بين الله والنّاس إلى الحياة [ 12] إذ كان الفرس يعتقدون حصول «الخلق كلّه والشّمس برأس الحَمَل والزّمان معتدل واللّيل والنّهار مستويان»[13 ]، وهو ما تواصل في العراق عند أحفاد البابليين من أتباع طائفة الصّابئة المندائيّة حاليّا تحت اسم «عيد الخليقة»، وعند أتباع الدّيانة الإيزيدية تحت اسم «عيد الخلق» المعروف أيضا باسم «عيد الأربعاء الأحمر» أو «الباسمبار»[14 ]، وهو يصادف سنويّا أوّل يوم أربعاء من شهر نيسان/أفريل (حسب التّقويم البابليّ الذي يتأخّر 13 يوما عن التّقويم الشمسي الغريغوري المسيحيّ)، أي في موعد الاعتدال الرّبيعيّ. كمّا نجده أيضا عند قدامى المصريّين تحت اسم «عيد شمّ النّسيم»[ 15]. وبصفة عامة، فإنّ الاحتفال بعيد الخلق عند الاعتدال الرّبيعي هو سمة الطّوائف الدّينيّة القديمة في الشّرق العربيّ كالصّابئة المندائيّة والنّصيريّة والإيزيديّة المستخدمة للتّقويم السّرياني، أي البابلـيّ [16 ].
وبهذا فإنّ احتفال المسيحيين بعيد الخلق ليس إلاّ متابعة لما درجت عليه أقوام المنطقة العربيّة القديمة، ولا غرابة في ذلك إذ أنّ الدّيانة المسيحية نفسها من إبداعات ذات المنطقـة.
وإحقاقا للحقّ، فإنّ الأمر أشدّ تعقيدا من ذلك ، ونحن هنا نبسّطه بالإشارة إلى مدى الدقّة التي كان يعتمدها علماء التّقاويم العرب في تحديد مواعيد الأعياد المسيحيّة لا حسب التّقويم الرّومي (الجولياني المسيحي) فحسب، بل وكذلك حسب التّقويم السّرياني (البابليّ) المختلف عنه والمستخدم عند الطّوائف المسيحيّة الشّرقيّة، فنجد البيروني مثلا يشير باعتماد التّقويم السّرياني[17 ] إلى اختلاف الطّوائف المسيحيّة الملكانيّة واليعقوبيّة والنّسطوريّة[18 ] في الاحتفال بعيد الخلق المسيحيّ (عيد السُبّار) مدقّقا في الأسباب العقائديّة الموجبة لذلك فيقول في كتابه «الآثار الباقية عن القرون الخالية»: "القول على ما يستعمله النّصارى الملكانيّة في الشّهور السّريانيّة ... آذار... وفي الخامس والعشرين عيد السُبّار وهو دخول جبرائيل عليه السّلام على مريم مبشّرا بالمسيح، ومنه إلى الميلاد تسعة أشهر وخمسة أيام وشيء، وهو مكث طبيعي لاستقرار المولود في بطن الأم، وعيسى وإن عُدم أبوّة الإنس وأُيِّد بروح القُدُس فلم يَخْلُ في العالم عن التقلّب في موجب الطّبيعة، فالأوْلى بمكثه في البطن أن يكون طبيعيّا أيضا"[ 19]. أما النّساطرة فـ "يحتفلون به أوّل أحد في كانون الأوّل إن كان أوّله في بين الجمعة والأحد، أو آخر أحد في تشرين الآخر إن كان بين الاثنين والخميس... فبينه وبين الميلاد خمسة وعشرون يوما. وهم يقولون: كما أنّ المسيح مخالف للنّاس من جهة التولّد بالتناسل، فكذلك مكثه جنينا على خلاف العادة... وحُكِي أنّ السُبّار عند اليعقوبيّة هو العاشر من نَيْسَن العبرانـيّ"[20 ].
فهل نقول - مسايرة لتوبر- بانتصار البيروني لمذهب الكنيسة الكاثوليكيّة (المذهب الملكانيّ) لمجردّ قوله بمنطقيّة الاحتفال بعيد الخلق يوم 25 مارس/آذار إذا ما كان الحمل بالمسيح بوصفه بشريّا قبل ذلك بتسعة أشهر كما يقول به بابا الكنيسة الغربيّة في رومة ؟ أم نقول إنّ البيروني كان مطّلعا، كما ابن عاصم، على ما قام به البابا غريغور الثالث عشر من إصلاحات على التّقويم الجولياني في القرن 16 م ؟ أليس في القول باعتماد اللّجنة التّي كوّنها البابا غريغور الثالث عشر لإنجاز الإصلاح جداول فلكيّة عربيّة أقرب إلى الواقع السّائد آنذاك حين كان العرب مرجعيّة علميّة عالميّـة ؟
2- يندهش توبر أيضا من تطابق معلومات ابن عاصم مع حساب التّقويم الغريغوري (1582م) حين يعتبر الأوّل من يناير بداية السّنة ويضيف يوما كبيسا إلى فبراير كلّ أربعة أعوام ليصبح 29 يوما. وهذا مناط تساؤل توبر: "كيف يكون ذلك والتاّريخ الرّسميّ يخبرنا أنّ الأندلسيّين (حوالي 1000م) كانوا يستخدمون التّقويم الشّمسي اليوليانـي ؟".
ونجيب بالقول إنّ ابن عاصم لم يقل البتة ببدء السنة في أوّل يناير (والمخطوطة بين يديّ الآن)، أمّا إضافة يوم كبيس إلى فبراير كلّ أربعة أعوام عند الرّوم فهو أمر قديم ومعمول به في التّقويم الجولياني نفسه، وقد أشار إلى ذلك فلكيّو العرب منذ القرن الثّاني للهجرة على الأقلّ. فهذا أبو عليّ المرزوقيّ المتوفّى سنة 421 هـ ينقل عن أبي حنيفة الدِّينَوَرِي المتوفّى سنة 282 هـ عند حديثه عن شهر شباط (فبراير):"وقال أبو حنيفة: ليس في الأمم أحفظ للفصول، وأوقات الأنواء والطّلوع من الرّوم... وهم يبدؤون فيجعلون أوّل السّنة تشرين الأوّل، ويجعلونه واحدا وثلاثين يوماً. ثمّ تشرين الثّاني ثلاثين يوماً، ثمّ كانون الأوّل واحداً وثلاثين يوماً، ثمّ كانون الثّاني واحدا وثلاثين يوماً وربع، ثمّ شباطاً ثمانية وعشرين يوماً، غير أنّهم يجعلونه ثلاث سنين كلّ سنة منها ثمانية وعشرين يوماً وفي السّنة الرّابعة تسعة وعشرين يوماً، وتلك السّنة تكون في عددهم ثلاث مائة وستّة وستّين يوماً، ويسمّونها الكبيسة"، بل نجد أبا حنيفة الدِّينَوَرِي يدقّق سبب الكبس بطريقة علميّة صارمة (في إشارة ضمنيّة إلى ظاهرة مبادرة الاعتدالين): "ثمّ أحبّوا أن لا تتغيّر أحوال فصول سنتهم على السّنين الكثيرة والدّهور المتابعة، فزادوا في آخر شباط ربع يوم لتصير أيّام سنتهم موافقة لأيّام سنة الشّمس، وهي ثلاث مائة وخمسة وستّون يوماً وربع يوم، ويكون ثلاث سنين متوالية كذلك. فإذا تمّت الأرباع في أربع سنين تصير سنتهم في السّنة الرّابعة التي تليه ثلاث مائة وستّة وستّين يوماً، ويصير شباط في تلك السّنة تسعة وعشرين يوماً، وتسمّى تلك السّنة الرّابعة سنة الكبيسـة"[ 21].فإذا كان الأمر على ما نصف، فما مناط استغراب الأستاذ توبـر ؟
3- ويندهش توبر أيضا من ذكر ابن عاصم يوم 24 يونيو موعدا لمولد يحيى بن زكريّا (يوحنّا المعمدان) "دون مقدّمات ودون أن يذكر غيره من المناسبات الدّينيّة المسيحيّة أو الإسلاميّة أو اليهوديّة...ومن هذه النّقطة (الافتراضيّة) ينطلق في شرح أهميّة 24 يونيو (قصّة يوشع، ويوم يوحنّا) في القرن 16م، ففي عام 1612م حوكم غاليله بسبب نظريّته عن دوران الأرض واقتيد إلى محاكم التّفتيش ليواجه (سفر يوشع) الذي يقول إنّ الله أمر الشّمس بالتوقّف فوق يوشع ممّا يثبت أنّها هي التي تدور حول الأرض". وعلى هذا الأساس "يعتقد توبر أنّ قصة يوشع اكتسبت أهميّتها في القرن 16م ولا بدّ أنها أثّرت على كتاب ابن عاصم، ودفعته إلى حشو هذا التّاريخ متعمّدا لإقحام العرب (الذين كانوا وقتها ممثّلين لسلطة علميّة) في نقاش مسيحيّ داخليّ، واستخدامهم كحجّة بوجه خصومهم (المارقين من أمثال غاليله)... ومن هنا يرمي تساؤله التّقليدي: لم لا يكون كتاب ابن عاصم أحد مزوّرات القـرن 16م" ؟.
ونبدأ باستغراب توبر ذكر ابن عاصم يوم 24 يونيو موعدا لمولد يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان) "دون مقدّمات ودون أن يذكر غيره من المناسبات الدّينيّة المسيحيّة أو الإسلاميّة أو اليهودية"، فنقول إنّ هذا لم يكن بدعا من ابن عاصم إذ هو أمر شائع في جميع كتب الأزمنة (كتب المناخ حسب التّسمية الأوروبيّة) في حديثها عن الأعياد "الرّوميّة"، فقد كانت تلك الكتب لا تذكر حين الحديث عن الأعياد في التّقويم الرّوميّ (الجولياني) أي عيد يهوديّ أو إسلاميّ فيه، بسبب اختلاف حساب وقوع الأحداث في التّقويمين العبريّ اليهوديّ والعربيّ الإسلاميّ عنها في التّقويم الجوليانيّ المسيحيّ الشّمسيّ. ذلك أنّ التّقويم العربيّ الإسلاميّ تقويم قمريّ بحت تنقص فيه السّنة عن مثيلتها الجوليانيّة المسيحيّة الشّمسيّة 11 يوما، كما أنّ التّقويم العبريّ الشّمسيّ/القمريّ يعتمد نظاما خاصا ومعقّدا للكبس يجعله غير متساو في الطّول مع السّنة الشّمسيّة الجوليانيّة المسيحيّة. وكمثال على ذلك نشير إلى ما يقوله أبو عليّ المرزوقي عند حديثه عن شهر حزيران : "... أربع وعشرين [من حزيران]... هو أطول يوم في السّنة، وهو اليوم الذي ولد فيه يحيى بن زكريّا عليهما السّلام فيما زعموا"[ 22]. كما نشير إلى ما يقوله أبو الرّيحان البيروني: "حزيران... وفي الخامس والعشرين ذكران مولد يحيى بن زكريّاء"[ 23]. فهل كان ابن عاصم بدعا فيما ذكر ؟ وهل كتب كلّ من المرزوقي والبيروني ما كتباه بعد أن تعرّفا على الإصلاح الغريغوري ؟ أنشكّ في أنّهما عاشا في القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي ؟ أم نقول مع توبر، مسايرة له في نظرية "المؤامرة الكنسية"، أنّ كتابي المرزوقي واالبيروني مدسوسان خلال القرن 16م انتصارا لعقيدة الكنيسة الكاثوليكيّة ضدّ المهرطقين أمثال غاليلو غاليلـي (!).
الهوامش:1 - توجد بحوزتنا نسخة من مخطوطة الكتاب سبق أن نشرها الأستاذ فؤاد سزكين سنة 1985 ضمن المجلد التاسع من منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية بجامعة فرنكفورت بألمانيا باعتماد التصوير عن مخطوطة أحمد الثالث رقم 2508 الموجودة بمكتبة طوب قابو سراي باستانبول وهو بعنوان : كتاب الأنواء والأزمنة ومعرفة أعيان الكواكب. وعلى هذه المخطوطة اعتمادنا هنا.أما بخصوص صاحب الكتاب، فهو: أبو بكر، عبد الله بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الثّقفي الأندلسي، المعروف بابن الغربالي، من أهل قرطبة وقد كان واليا للشرطة بها، وقتله البربر في تغلبهم عليها في شوال من سنة 403 هـ/ 1013 م، وله عدا كتاب الأنواء مختصر لكتاب "البيان والتبيين" لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ. انظر: الزّركليّ (خير الدّين)، الأعلام، إشراف: زهير فتح الله، ط 5، دار العلم للملايين، بيروت 1980، ج 4، ص 79. وأيضا: كحالة (عمر رضا)، معجم المؤلفين، مكتبة المثنى، بيروت، د.ت، ج 6، ص 44.2 - المرزوقي ((أبوعليّ، أحمد بن محمّد بن الحسن)، الأزمنة والأمكنة، ضبط: خليل المنصور، ط 1، دار الكتب العلميّة، بيروت 1996، جزءان. 3 - البيرونيّ (أبو الرّيحان، محمّد بن أحمد)، الآثار الباقية عن القرون الخالية، تحقيق: إدوارد ساخاو، ليبزيغ 1923.4 - جميع الاستشهادات المسطرة مقتبسة من مقال الأستاذ نادر قريط: اكتشاف الشيطان. 5 - قدّرها البتاني (ت 317 هـ) مثلا بدرجة واحدة كلّ 70 سنة، ومنذ بطليموس إلى زمانه بـ (12° 10’). انظر: البتّاني (أبو عبد الله، محمّد بن سنان بن جابر الصّابئ)، كتاب الزَّيْج، تحقيق: كارلو نالينو، طبعة مصوّرة عن نسخة الأسكوريال، رومة 1899، مقدّمة الكتاب صص 6- 7.وقدرها البيروني بدرجة واحدة كل 66 سنة، ومنذ بطليموس إلى زمانه بأربعة عشرة درجة (14°). انظر: البيرونيّ، القانون المسعوديّ، مجلس دائرة المعارف العثمانيّة، حيدر آباد الدّكن، الهند 1956، ج 3، ص 32. 6 - كان الحساب الشّمسيّ يعتمد السّنة القيصريّة (أو الجوليانيّة نسبة إلى القيصر الرّوماني جوليان أو يوليوس قيصر Jules César الّتي بدأ التّقويم بها منذ 1/1/ 45 ق.م) الّتي تساوي ثلاث مائة وخمسة وستّين يوما وربع يوم (365,25 يوما)، أي أنّها تزيد عن السّنة الشّمسيّة الحقيقيّة بمقدار 0,0078 يوما أو إحدى عشرة دقيقة وأربع عشرة ثانية (11‘ و14‘‘) أي يوما كاملا كلّ مائة وثمان وعشرين سنة. ورغم ضآلة هذا الفارق بين السّنة القيصريّة والسّنة الشّمسيّة الحقيقة، إلاّ أنّ تراكمه مع مرور الزّمن جعل السّنة القيصريّة متأخرّة عن الشّمسيّة أي غير متوافقة مع الواقع المشاهد، وهو ما دفع بابا الكنيسة الكاثوليكيّة غريغور الثّالث عشر (Grégoire XIII) إلى تصحيح الخطأ في 4/10/1582 م، أي بعد مرور حوالي ستّة عشر قرنا من بدء اعتماد التّقويم القيصريّ حين لوحظ تأخرّه عن التّاريخ الحقيقيّ بعشرة أيّام هي التي أضيفت يوم 5 أكتوبر/تشرين الأوّل 1582 م ليصبح هذا اليوم موافقا لتاريخ 15/10/1582 م، وهو التّاريخ المفترض أن يكون. وسمّي التّقويم الجديد التّقويم الغريغوري وسنته 365 يوماً كلّ ثلاث سنوات متتالية (سنة بسيطة) مع سنة رابعة كبيسة تجمع فيها كسور السّنوات الثّلاث السّابقة لتكون من 366 يوماً. ولكي لا تتكرّر مشكلة التأخّر عن التّاريخ الحقيقيّ مرّة أخرى، اشترط التّقويم الغريغوري أن تكون السّنوات المئين (على رأس كلّ قرن) قابلة للقسمة على الرّقم 400 بدلاً من القسمة على الرّقم 4 حتّى تغدو سنوات كبيسة. وبهذا أضحت السّنة الغريغوريّة تساوي 365,2425 يوماً مقابل 365,2422 يوماً في السّنة الحقيقيّة أي بفارق قدره 0,0003 يوما، أو ما مقداره يوم واحد كلّ 3333 سنة، وهذا فارق ضئيل جدّا لا يعتدّ بـهوقد أضحى التّاريخ الحالي (سمة 2008 م) من حين ضبط هذا التّقويم متأخّراً بمقدار 3 ساعات تقريباً عن التّاريخ الحقيقي بمقدار 26 ثانية كلّ سنة.7 - الألُوسيّ (أبو المعالي، محمود شكري بن عبد الله بن شهاب الدّين)، ما دلّ عليه القرآن ممّا يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان، ط 2، منشورات المكتب الإسلاميّ، بيروت 1971، ص 56. 8 - Eliade [Mircea] : Le mythe de l’éternel retour. Archétypes et répétitions, Les Essais, Paris, 1949, p. 54.9 - Finet (André) : Le vin il ya 5000 ans, in : Initiation à l’Orient ancien, De Sumer à la Bible, Seuil, Paris, 1992, p. 126.وهو ما تشير إليه أيضا عالمة الأشوريّات الفرنسيّة مرغريث روثن حين تتحدث عن إقامة البابليّين مراسم الزّواج الإلهيّ (Hieros Gamos) في اليوم الأوّل من السّنة البابليّة أي عند الاعتدال الرّبيعيّ. انظر: روثن (مرغريت): علوم البابليّين، تعريب: يوسف حبّي، دار الرّشيد للنّشر، منشورات وزارة الثّقافة والإعلام، بغداد 1980، ص 84.وقد عثرت بعثة أثريّة سنة 1935 على نصّ قديم في مدينة أوروك يتحدّث عن الزّواج المقدّس للملك البابليّ (شوسين Shu-Sin) ممثّل الإله (دوموزي) حوالي سنة 2030 ق. م بامرأة تدعى (كوباتوم Kubatum) ممثّلة للإلهة (إنانا).Cf. Bottéro (Jean) : L’amour à Babylone, in : Initiation à l’Orient ancien, De Sumer à la Bible, Seuil, Paris, 1992, p. 147. 10 - الرّبيعو (تركي علي)، العنف والمقدّس والجنس في الميثولوجيا الإسلامية، ط 1، المركز الثقافي العربي، بيروت 1994، ص 90.وتصف أسطورة سومريّة الزّواج المقدّس بالقول: «الملك يذهب رافع الرّأس إلى الحضن المقدّس. يذهب رافع الرّأس إلى حضن (إينانا) المقدّس. الملك الآتي ورأسه مرفوع. آتٍ إلى مليكتي ورأسه مرفوع. يضمّ بغيّ الإله (آن) المقدسّة». انظر: كريمر (صموئيل)، طقوس الجنس المقدّس عند السّومريّين، ترجمة: نهاد خياطة، سومر للدّراسات، نيقوسيا (قبرص) 1986، ص 122.هذه هي التّسمية البابليّة، ويسمّى رأس السّنة عند الاعتدال الرّبيعيّ بالسّومرية (آكيتي زيغوركو)، أماّ بالآشورية فهو (ريش ساتين) أي رأس السنّة.11 - يشير النُّوَيريّ إلى أنّ سبب اتّخاذ الفرس عيد النّيروز: «أنّ الأب الأول وهو عندهم كيومرت، لما كمل له مائة ولد، زوّج الذكور بالإناث، وصنع لهم عرساً أكثر فيه من إشعال النّار، فوافق ذلك اللّيلة المذكورة، واستسنّه الفرس بعده». انظر:النُّوَيريّ، نهاية الأرب في معرفة فنون الأدب، دار الكتب المصرية، القاهرة 1929، ج 1، ص 326. 12 - كانت عبادة (مترا) شائعة في بلاد الفرس والأرمن وآسيا الصغرى، ويعتقد مريدوه أنّه مات قتلا ثم قام من بين الأموات، ويحتفل بعيد قيامته يوم 25 مارس/آذار. انظر: التنير (محمد الطاهر)، العقائد الوثنيّة في الدّيانة النصّرانية، ط 2، إدارة القرآن للطّباعة والنّشر والتّوزيع، كراتشي، (باكستان) 1988، ص 78.ويشير التنير في معرض تدليله على الأصول الوثنيّة لعيد القيامة المسيحيّ إلى أنّ تاريخ 25 مارس/آذار يصادف أيضا الاحتفال بعودة (أتيس) إله ومخلّص الفريجيّين الذي قتل ظلما ويسمّون عيد قيامته (هيلاريا) أي (عيد الفصح)، وكذلك عودة (باخوس) ابن العذراء (سميل) بعد قتله، وعودة كلّ من (أدوني) عند السّوريين و(أوزيريس) عند المصريّين. 13 - المرزوقيّ، الأزمنة والأمكنة، م.م.س، ج 1، ص 120.ويشير البيرونيّ إلى أنّ الفرس «زعموا أنّ مبدأ سنتهم من لدن خلق الإنسان الأوّل... والشّمس في نقطة الاعتدال الرّبيعيّ». انظر: البيرونيّ، الآثار الباقية...، م.م.س، ص 45.وقد كان الاحتفال بعيد الخلق شائعا أيضا في الهند عند الاعتدال الرّبيعيّ فقد «قالت الهند إنّ الله عزّ وجلّ خلق الكواكب في أوّل دقيقة من الحمل وهو أوّل أيّام الدّنيا». انظر: اليعقوبيّ (أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح) [ت 284 هـ]: تاريخ اليعقوبيّ، دار صادر/دار بيروت للطّباعة والنّشر، بيروت 1960، م.م.س، ج 1، ص 86. 14 - العزّاوي (عبّاس)، تاريخ اليزيديّة وأصل عقيدتهم، مطبعة بغداد، بغداد 1935، ص 102.15 - "يصادف يوم 25 من شهر برمهات القبطي الموافق للاعتدال الرّبيعيّ، وفيه يظهر (رع)... إيذانا بعيد الخلق». انظر: مباشر (عبده)، شمّ النّسيم: العيد والرّمز، صحيفة الأهرام المصريّة، العدد 42154، السنة 126، 6 ماي 2002. 16 - انظر: شمس (ماجد عبد الله)، الحضارة والميثولوجيا في العراق القديم، دار علاء الدّين، دمشق 2003، ص40.وقد انزاح موعد الاعتدال الرّبيعيّ من أبريل/نيسان إلى مارس/آذار بسبب تغيّر موقع نقطتي الاعتدالين الرّبيعيّ والخريفيّ بفعل العوامل الكونيّة الّتي تجعل محصّلة قوى الجاذبيّة وقوّة دوران الأرض حول محورها تولّد قوّة محوريّة هي المسبّبة للترنّح أي التغيّر الحاصل في حركة الأرض. وبمرور الزّمن، تؤدّي الحركة المخروطيّة البطيئة لمحور الأرض إلى تغيّر بطيء في اتّجاه المحور الدّورانيّ للأرض، وهو ما يتسبّب في ما يسمّى التّقهقر الاعتداليّ أي زحزحة نقطة الاعتدال التي تنتقل عبر 25.800 سنة قبل أن تعود الى مكانها الأوّل. ومن هنا، فإنّ موعد الرّبيع مثلا سيضحي يوم 10 فيفري/شباط بعد نحو 21.000 سنة من زماننا.17 - (تختلف فيه تسميات الأشهر عنه في التقويم الجولياني وتستخدم حاليا في عدد من بلدان المشرق العربي، فهي تباعا: تشرين الأول (أكتوبر)، تشرين الثاني (نوفمبر)، كانون الأول (ديسمبر)، كانون الثاني (جانفي)، شباط (فيفري)، آذار (مارس)، نيسان (أفريل)، أيار (ماي)، حزيران (جوان)، تموز (جويلية)، آب (أوت)، أيلول (سبتمبر). 18 - الملكانيون: هم المسيحيون المنصاعون لقرارات المجمع الخلقيدوني سنة 451 م المثبت للتثليث. واليعقوبيون: هم أتباع يعقوب البرادعي القائلون بالأقانيم الثلاثة ويسمون السريان أيضا لتحدثهم باللغة السريانية، ومنهم تفرع الموارنة في بلاد الشام والمالنكاريون في الهند. و النسطوريون: هم المنتسبون إلى نسطور بطريرك القسطنطينية سكنوا الموصل وأرمينية ونشروا المسيحية في إيران والهند والصين، وآراء النسطورية في الألوهية أقرب ما يكون لآراء المعتزلة عند أهل الإسلام. 19 - البيروني، الآثار الباقية...، م.م.س، ص 294. 20 - البيروني، الآثار الباقية...، م.م.س، ص 309. 21 - المرزوقي، الأزمنة والأمكنة، م.م.س، ج 1، ص 127.22 - المرزوقي، الأزمنة والأمكنة، م.م.س، ج 2، ص 480.23 - البيروني، الآثار الباقية...، م.م.س، ص 299.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق