لماذا على مقعدٍ دائم ٍ
تتربع فينا الإهانة ؟
... ... ...
لأن الزمان يؤازرُها
ويَِردُّ التجاعيدَ عن وجهها
ويُـدلـّك ُ أقدامَها بزيوت ِ التغاضي
ويرفعُ آباءها الفارعين َ، على كتفيه ِ
إلى العرش ِ .. ميراثها المتجددِ عبر الفصولْ
فيجثمُ جيلٌ على البئر ِ متحا
وثمة جيلْ
يهبّ ُ على حُرمةِ البيتِ فتحا
وجيلْ
يزيدُ المُـقيمينَ ذبحا
فيلقاه بالشكر ِ .. أهلُ القتيلْ
***
قال الضابط ُ لصديقي : يابنَ الزانية ِ ، فمات صديقي
أذكر...نا
جالسيـْـن على صخرة ِ الأمل ِ المتوهج ِ من قبلة ِ الشمس ِ والغيث ِ
نصطادُ أقواسها القزحية َ ، ثم نعيد إلى البحر أسماكـَـه ُ،
للفضاء ِ العصافير َ ، للصمت ِ حكمتـَه ُ ، للكلام ِ براءتـَه ُ الشاعرة
وبعد الغروب نـَـخـُـبّ ُ لمقهى "الطواسين ِ" في شارع الاقحوان ِ
المطلِّ على أرخبيل ِ التمرد ِ
فيه ندخــِّـن ُ نرجيلة الدَهـْش ِ، نرفسُ مثل حِماريْن ثالثــُـنا
بَردُ تشرينَ، رابعـُنا جفنة ُ الشاي راقصة ً بدفوف المساواة ِ
والناس ُ لا يفهمون الحَـمير َ التي تتكلمُ في الجبر والاختيار
فيستاءون َ
وينصرفون إلى النرد ِ والصخب ِ المستجيب ِ
لنشخر َ نحن ونضحكَ مما يـُقالُ، لنا الوقت ُ ، حتى
كبرنا كما يكبرُ الخطأ ُ المستباح ُ
فقلنا المروق ُ دليل ُ السفائن ِ بين العواصفِ ، لكنْ
رأينا الشواطئ َ غارقة ً في بكاء سخين ٍ
يواقعها من أمام ٍ وخلف ٍ قراصنة ُ الدهر ِ جمعا ً
فيرمى المخاض ُ على عتبات ِ السلامة ِ
أنساله الفـَـظــَّـة َ الشائهة
... ... ...
فكيف تموت من الشــَّــتم ِ وحدك يا صاحبي
والقواميس ُ تشتمنا، والجرائد ُ، والعسكر ُ الجاثمون َ ،
وكل ُّ قِـطاط ِ المدينة ِ ، كل ُّ السنانير ِ، ظل ُّ النصوص ِ،
وجمع ُ اللصوص ِ
وها نحن نمضي إلى النرد ِ والصخب ِ المستجيب ِ ..
ولسنا نموت
***
أهذه بلاغة ٌ مموهة
أم أنها ترجمة ٌ لسيرة ٍ كونية ٍ
لعارها منتبهة ؟
... ... ...
فقال صديقي الذي مات من سـَـبـَّـة عابرة
- حواتمُ الغروب لم تعد لوكرها بالفيء ْ
يا غيهب َ الذهاب والرجوع
لا شيء يأتي من لا شيء ْ
كذلك الذي أخفيتـُه بداخلي
صنيعيَ المخادع َ المخدوع
رأيته بشاشة ِ المرناء
رصاصة ً في جبهة ٍ
نخاسة ً أشلاء
ودون ذكر الاسم حتى
لكنني بحجةِ المحايد العلمي ِّ لم أشأ
أن أنكر الوقتا
فكان أن أرسلتُ لي برقية َ العزاء
نيابة ً عن أهلي َ الموتى
***
يــُـقتل المرء (وهذا بـَـدَهي ّ ٌ) فيخرج طائرٌ يـُـسمى الصدى
يأتي من هامته صارخا ً : أغيثوني أغيثوني ..
مداوماً حتى يـُـثأر له ْ
المشكله ْ ..
أن المقتولين يتزايدون في متتاليةٍ هندسيةٍ
وبها ذاتها يتناقصُ الثأرويون
فأقسم بعضُ "التناصيين"
بـ "ياسين"
"إن اليمينَ لعنقاء ُ تلتهم الناس في كل حين
وإن اليسار لحسناءُ ثائرة ٌ، إنما في المدى تستكين " (1)
أما البعض الآخر فمضى يمحو جُغرافيته العقلية َ ليقول:
"لم أضع مصحفا ً فوق رمحي الدمشقي ِّ قط
غير أن الزمان اللئيم
سار بي ليسار الشطط
الذي دار ثم بشحم اليمين اختلط
وأنا قد تبينت ُ في محنتي
أن شر الأمور الوسط " (2)
وهكذا تشابهت فتاتـُـنا الخريدة ُ الحسنة
وهذه الغريمة ُ الدميمة ُ السيئة
في الحفلة التنكرية التي
دعت إليها المُرجئة
***
في عامي التسعين
ما بين حبو الركبتين وارتكاسةِ القيام ِ
رغبت ُ أن أسابق الفرسان في ملاعب ِ الإقدام ِ
فلم يزل مسترخيا ً لجامي
حتى أعدت للحصان في دمي الصهيلا
وفجأة ً، رأيت هذا التوأم اللعينَ جاثيا ً أمامي
فصحتُ فيه ..
ألا تراني صائلا ً جئولا
وأنت في النِزال دائما ً ترتجف ُ
فقال : سيفي بالبلى معترف ُ
زجرته، مطالبا ً رفيقتي أن نستعيد رعشة َ الجماع
لكنه أعادني بضحكة الشماتة
لموضعي في القاع
يحكني الذباب ُ، والدموع فوق وجهي َ الملتاع
تقول إن سوأتي تنكشفُ
في وضح النهار للرعاع
***
في مجلس " الأصداء "
لما رأوْني جثة ً تـَـشُـدُّها لجحرها الأفاعي
ألقوا ورائي في الدجى متاعي
أ- قصائدي أزواجَ هذا السيد ِ التجاهل
ب- بطاقة َ التأمين ِ ضدَّ حق ِّ الانتخابْ
ج- سوسنة ً ترملت من قبل أن تــُـزف ّ ْ
د- حصوات ِ كـُـليتيـَّا
هـ - ستة َ عشر بحرا ً نفد ماؤها
***
لصاحبي محمود أمين العالم
أن يـَـعصُرَ الظلالا
سُـلافة ً من قبل أن يـُخلق َ الكـَرْمُ
وتـُخلقَ الكؤوس والشفاة ْ
بينا أنا أعاين الزوالا
في هذه القبور ِ منذ عوقبت ثمود
وها أنا أراه ُ في الغداة ْ
يهوي على القلوب ِ
بالرغام ِ والجلمود
(فلقد ثبت لي من تحقيقات إدارة البحث الجنائي ِّ الكوني ِّ
أن موضع المحرك الأصليِّ.. لم يكن ِ
وأن الموجود ليس إلا تجميعا ً لقطع ِ غيار ٍ مقلدة
ولهذا سقطت الكونكورد
بقيادة العقيد طيار هيجللينين) [ 3 ]
فأي أمل بعد هذا.. للمسافرين ؟!
***
- كنتَ تنكرني علانية ً
- ومستعد ٌ للعقاب
- لا عقاب عندي لأمثالك الوقحين
لكن ْ .. أوظفك بوابا ً لقصري
كلما سأل عني بليد من هؤلاء
تردد أنت عبارتك الشهيرة
... ... ...
فعلقت مندوبة ُ مجلة ِ "القبول ِ الثقافي ِّ" قائلة ً
" أما أنا فقد ..
عوقبت بالنفاس
بالحيض والنجاسة
شهادتي مجروحة ٌ، وزيجتي تعاسة
أ ُضرب لو فقدتُ جـُذوة َ الحماس
أ ُنبذ لو خرجت دون إذن ِ
وكلما انكمشتُ تحت السرج ِ والمِـجـَن ِّ
تواثبت على فراشي مهرة ٌ فأخرى
ناشبة ً أنيابَها في بدني
وحينذا، يهاب بي " يا خـَنـْسُ هيا ارثي لنا صخرا "
فمن ترى يرثى مماتي حية ً
في موطن الأسرى ؟!
***
قلت ُ لوهب ٍ :
- أرأيت الذي يـَـدِعّ ُ النساء
كذلك الذي يـُقدّمُ الشـُعراء
معلقين في حبال الوزن والقوافي
يقودهم إلى حظيرة ِ الخراف ِ
فـتـُملأ الأفواهُ بالكلأ
ويُمدحُ الخطأ
***
ها نحن في نهاية المطاف يا كِتابنا نبتهل ُ
الحمد ُ للتناقض
لأننا – نحن المُذ َلـّينا المُهانينا –
به بلغنا رُتـبة َ الصفر ِ
في لـُجـَّة ٍ ليست بنا تدري
لكنها تحملنا ، لساحل ٍ
على الشواش ِ من ثقوبه نطل ُّ
مسددين للفضا مَمْحاتـَـنا التي
لم تعرف الأقلام ُ مثلها من قبل ُ
***
من هنا يطلبُ الشعبُ لجسمه السرطان
مصليا ً لأجل أن تـَلفـَّه في بـُرْدِها الكروب ُ
مـُدّكرا ً أن واحدا ً في واحد ٍ
تكاثر ٌ مكذوب ُ
وأن هذا كـُـلـَّه ُ مـُـعَـجِّـل ٌ بساعة ٍ
نـُلغي على دقـّاتها الزمانا
... ... ...
ذاك اقتحامُ العـَـقـَـبة ْ
وبعدها
فلتبحث ِ الإهانة ُ الشبقة ُ المـُـدرَّبـَـة ْ
عن عاشق ٍ .. ســوانـــا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :
1، 2 : من قصيدة للشاعر بعنوان " إعدام عماد الدين النسيمي ّ
3 : المقصود هيجل ولينين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق