رثاء وطن
كتبت هذه القصيدة يوم سقوط بغداد عام 2003، ثم أقلعت عن الشعر، ولم أقلع عن التدخين
في التاسع من نيسانَ..نزفتُ....بكيّتُ..حملتُ رفاتي
دوّنتُ على أبواب البصرةِ تاريخَ وفاتي
في التاسع من نيسانَ
خفقت في قلبي أجنحة الطير....وغادرتِ الأغصان
وحلّ ربيعٌ آخر لاتزهرُ فيه الأشجارولا يقطفُ فيه العاشقُ ورداً...لاينقرُ فيه العصفورُ على الشباك
في التاسع من نيسانَ ....دوّى الصمتُ...وغدت لحظة عمري، تتسع لأجيال
في تلك اللحظة ..سقطت عني رأسي دحرجها السيّافُ بقربي...فعرفت عيوني...كالسمك المتعفن كانت
وحين لمست ذراعي المبتورة...أحسستُ بأن الله توارى...صرخت كما البيّاتي:
لماذا يا أبت لاترفع يدك السمحاء أمام الشر القادم...الآلات..الجنرالات الدول الكبرى ...مسلات ملوك العرب الخصيانلماذا يا أبت صمتُ الإنسان؟
استلقيّت على الأرض المالحة قبالة شط البصرة
كان النخل حزينا كالقمر الشتوي...كالقبلةِ..كالدمع
وكان السيّاب وحيدا، يمضغه الزمن: مطر مطر...وفي العراق جوع...ويأكل الغربان والجراد من موسم الحصاد
ثم نهضت..ما أعظم أن أحيّا وأصفق للحرية
وحين مددت يدي كي ألتقط يدي المبتورة..اندلقت أحشائي
أصبحت ذبيحة يا أماه ، يهشّ عليها ذباب أزرق....سبحان الحرية
ما أعظم أن أمسحَ سكينَ الجزّار...بأفخاذمليكات من بابل
ما أعظم أن أقترف الإثم بكل أميرات العصر الآشوري
ما أعظم أن لا أنظر فجرا آخر من نيسان...في نيسان
حضرت سيّدة الحرية تحرسها العربات الملكيّة..سبحان الحرية والديمقراطية
يلتئم لصوص مغارات الليل حول غنيمة
ويرتشفون الأنخاب على أوتار جريمة
في التاسع من نيّسان سقط الوثن، فانتصبت أوثانٌ أخرى
واخضّر العشب طريّا تحت حوافر تيمورلنك
وانبلجَ الفطرُ السامُ
وشهودُ الزور، وملوكُ العرب الخصيان، أباريقٌ في مبولة المارينز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق