نادر قريط2006/08/02
عندما رأيت رئيس العالم جورج بوش في مؤتمر بطرسبورغ، وهو يجلس علي عرش الثمانية، بصورة خرقاء (وبكثير من البلاهة وقليل من التهذيب) ويمضغ طعامه بشكل مقزز ومقرف ويلتفت إلي توني بلير ويتحدث عن حزب الله بكلمات بذيئة نابية (يتعفف عنها السوّقة والعيّارون) وعندما رأيت أولمرت بعد ساعات، يضع قبعة صغيرة سوداء داخل الكنيست) ويتلو علي الهواء (نشيد الأنشاد)، ويذرف الدموع علي أسيريه، وعندما رأيت مشاهد الدمار والدماء والآلام وعيون الأطفال، والأمهات ومساحة الرعب التي تفرشها آلة الموت الإسرائيلية في لبنان، وعندما سمعت تصريحات الحسناء كونداليزا، عن المخاض الأليم لشرق أوسط جديد، أدركــــت تماما مدي انحطاط هذا النظام الدولي وتهافته، وانســـحاق قوة الضمير العالمي ... عندها أحسست بقوة الصدق والحق وأن نصرالله لاينطق عن هوي، وتذكرت مقولة علقت في ذاكرتي إبان إحتفالات لبنان بخروج ايهود باراك من الجنوب عام 2000
إذ وقف السيد نصرالله (تحت غابة من أعلام حزب الله) وقال:
إن هذا العدو الصهيوني أوهن من بيت عنكبوت؟ كلمة عابرة ربما طواها الزمن وألقاها في ذمة البلاغة، والطرب اللغوي!! فالرياح العاتية التي ضربت الشرق الأوسط مذذاك، عبثت بتصوراتنا، خصوصا وأن بيت العنكبوت هذا، استطاع بعد 11 ايلول/سبتمبر، أن يصطاد النظام العالمي برمته، (تحت شعار الحرب علي الإرهاب) ويفترسه! والأمثلة علي ذلك كثيرة، فالإنتفاضة الفلسطينية جرفها البلدوزر الإسرائيلي!! وقتل قادتها (أبوعلي مصطفي، ياسين، الرنتيسي، عرفات)، لتتجلّي معالم الدولة الفلسطينية (الموعودة) في غيتو غزة، الأشبه بمدينة (هوليودية) لتصوير أفلام الرعب والموت؟ أما العراق فقد جرفه الإحتلال، وحوّله من دولة حديدية بلا دستور إلي دستورية ورقية بلا دولة، ومن وطن متعدد الأعراق إلي وطن متعدد المليشيات وإلي فضاء للغبار والكابوي والإرهاب والبداوة، ولايخفي علي عاقل أن إحتلال العراق، ماهو في الجوهر إلا مهر زواج (الصهيونية والمحافظين الجدد)، يجيز للعروسة أن تنزل لعناتها التاريخية (علي بابل) عقابا علي تهديدات بإعادة سبيها (بيو كيميائيا) وكذلك الأمر فقد ضربت العاتيات، الشاطئ الشامي ليصبح دم الحريري، (قميص عثمان) ذريعة لقضم الهلال الشيعي (الذي ثبتت رؤيته الشرعية لدي البعض)!!
أما العرب الذين بدأ نظامهم الإقليمي منذ قمة القاهرة (أعقاب أزمة الكويت) بالتداعي والإنهيار، فقد أصبحوا بالنتيجة ورقا لمسح طاولات الإستراتيجية، وهذا ما دلل عليه تشبثهم بإطروحات من قبيل الأرض مقابل السلام (بعد مؤتمر مدريد 1993) ثم النفط مقابل الغذاء (أثناء حصار العراق) وصولا إلي الشعار الحالي والذي فحواه: الصمت مقابل الحذاء.. بعد أن تيقنوا أن السلام كخيار استراتيجي وحيد، ماهو إلا خيار( قثاء) استراتيجي للاستخدام المحلي!!ولعل السبب الرئيس في هذا الفشل والخسران، هو استمرار سياسة العبث والتراجع الخطير في التنمية الإنسانية، واللامسؤولية والشلل الدائم في فهم الحداثة العقلية واستمرار منظومة الثأر البدوية، كبوصلة وحيدة للسياسة العربية، والتي نقرأ شواهدها منـــــذ تصدع الوحدة التاريخية لبلاد الشام وانعزال العراق ولجوء الختيار الفلسطيني أخيرا لي توقيع إتفاقيـــــة أوسلو، التي ضمنت الإعتـــراف بإسرائيل وإنهاء الثورة المسلحة مقابل فرش البــساط الأحمر (في مطار غزة) كي يستعرض عليه الحرس الوهمي.متناسيا حقيقة أن إسرائيل كيان آبارتهايد مركب، قام بموجب صكوك عقارية إلهية أسطورية، وكيان تأسس علي أكذوبة الشعب المختار، التي تتنافي مع قيم الأنسنة والحداثة. والتي تجعل أية محاولة للعيش في جوارها بسلام وطمأنينة، عبثية، وضرب من الحماقة، لأنها محاولة لقبول فرضية تعايش الذئب والحمل في زريبة واحدة!!وهذا ما برهنت عليه الأيام وتلك النهاية الدرامية للختيار، رغم ماعرف عنه من فطنة ودهاء ببساطة شديدة إن اسرائيل (وجوديا) لا تستطيع أن تكون إلاّ قاطرة للعدوان والخراب وبناء الجدران!!
وكي لا أتهم بالمزايدة والقومجية والثورجية أود تذكير (من فقد ذاكرته واستطيب الخيار) بالاستطلاع الأوروبي الشهير لسبر الآراء (قبل أربع سنوات)والذي صنّف اسرائيل بأنها الأكثر تهديدا للسلم والأمن الدوليين!! لذلك فإني لاأستغرب أن تمارس إسرائيل (وهذا ليس رجما بالغيب) سطوتها في القرصنة الدولية وإستباحة المدن العربية (البعيدة) وقصفها، حتي وإن كان السبب، مقالة صحفية، أو حادث إصطدام مرور عادي بين دراجتين، أو تعرض سائح إسرائيلي لنشل محفظته!! ولا أستبعد أن تفرض إسرائيل علي دول النفط، العربية جزية يتم ضخها عن يد وهم صاغرون!! وأن تطالب قريبا بحصة من ريع الحج، بسبب حصتها التاريخية في إبراهيم (الذي رفع قواعد البيت المكّي) ولا أستغرب أن تطالب بتعويضات مالية لضحايا بني النضير وخيبر وقينقاع...هذا ماكتبته ( أنا العبد الفقير ) في الرابع من يوليو (قبل إسر الجنديين بأكثر من أسبوع) وهذا ماحدث بالفعل (ولو جزئيا )، في لبنان هذا المكان الفريد (الغريب العجيب) الذي استرد عافيته كمركز جذب اقتصادي وثقافي وحضاري والذي ما زال يشكّل غصة لإسرائيل، عبّر عنها رئيس الأركان الإسرائيلي قبل أيام عندما قال:
قرأت لك دوما والتزمت صمتا, وما كان الصمت سوى عجز الكلام عن ارتكاب مجرد الكلام.
ردحذفاليم أكتب لأقول لك: نادر في فضاء النت قلم مثل قلمك نادر, فالكل يكتب ليزسع مجال انفجار العنكبوتية الكبير, وقلائل من يرسمون على النت لوحة معرفية تستحق تعب الأعين قدام الشاشة...
من القلائل وجدت كتاباتك أنت...
نديم باخوس ...