لعلكم تذكرون كتب "تعلّم الفرنسية في ثلاثة أيام أو الإسبانية وغيرها"، تلك الكتب شاعت في السبعينيات؟ وألهمت أحد معارفي الظرفاء لكتابة نص عنوانه" تحرير فلسطين في ثلاثة أيام بدون حرب"؟ تذكرت هذه القصة الطريفة ورأيت أن أنسج على منوالها طريقة لتعلم الليبرالية العربية بثلاثة أيام وبدون معلم .. طبعا لا أقصد ليبرالية آدم سمث وغيره ممن نظّروا لفكر الإقتصاد السياسي، ولحرية السوق، وحرية رأسمال المال في الإستثمار والنشاط ولا أقصد ليبرالية الفكر السياسي، التي ترتبط بنيويا بصيرورة نظام الحكم الديمقراطي وسلطاته الثلاث، فهذه أمور معقدة تدخلنا في القال والقيل وجدل (البيضة والدجاجة) فالفكر الليبرالي يحتاج نظام حكم ديمقراطي وهذا الأخير (مضاد للإستبداد الشرقي الذي يتغذى من شرايين قانون الدم وشبكة الولاءات العائلية والقبلية والدينية والمذهبية) الديمقراطية تلزمها علمانية: وتعني ضمنا إنزال المرجعيات التشريعية من السماء إلى الأرض، وهذه قضية ترتبط بمفهوم التنوير الكانتي وبلوغ العقل سن الرشد وإنعتاقه من هيمنة التصور الديني
1ـ من يريد أن يتعرف على الليبرالية العربية وعلى أساطينها (ومساطيلها) من ناطقي لغة الضاد عليه أن يعرف أن لفظ "ليبرالية" يعني "حرية" وأولى دلالاتها بحبوحة في الفكر، تصل بمعتنقها إلى رفض هستيري لكل أشكال الفكر المتزمت والأيديولوجيا وصولا إلى حالة من الإسترخاء الذهني واللا فكر. لهذا لاتكترث الليبرالية العربية للجانب الإقتصادي (المفترض أنه محورها الأساسي) وتلتقي بذلك مع الإسلام السياسي، فكلاهما يقدّس حرية السوق ويبرر (النهب) ويعتبر الملكية ورأس المال (قضاء وقدرا) أما الفرق بينهما فيقوم على بعض الشكليات الطفيفة.. إذ يحبذ الإسلاميون وضع الأموال الحلال في بنوك (يديرها أولاد حرام) ويحبذون تجارة الظل الإتكالية على مبدأ (يا فتاح يا رزاق يا كريم) بينما يفضل الليبراليون تسليم الجمل بما حمل للبنوك الأمريكية، وفتح سيقان البلاد (لفحول المستثمرين) لكنهما من حيث الجوهر متفقان ومتعايشان بوئام ومحبة، والدليل وجود دول عربية تحكمها أنظمة قروسطية دينية (تقام فيها كرنفالات قطع الرؤوس) أو تحكمها عائلات اوليغارشية مستبدة وبنفس الوقت تتمتع بنظام إقتصادي ليبرالي حُر، من أحلى ما يكون.
2ـ ألف باء الليبرالية العربية:هنا لابد للقارئ أن يلاحظ وجود مدارس مختلفة وهي ترتبط بمنشأ الليبرالي العربي وتكوينه العقائدي والمذهبي، والثقافي لكن ما يجمع هؤلاء هو الذود عن حقوق إسرائيل (التي إغتصبها أجلاف العرب والفلسطينين)، بناء عليه فمن ينكر حق إسرائيل في (التغوط) على العرب ينكر معلوما من الليبرالية بالضرورة. ولا غرابة حينئذ أن تميل كتاباتهم لمقت كل من يُضمر الشر لإسرائيل (ياليد أو اللسان وحتى بالقلب) من هنا تنصب لعناتهم على حماس وحزب الله ونظامي سوريا وإيران وقد أضيف لهم القذافي والبشير وقطر (عاصمة قناة الجزيرة) إذن فالقاعدة الأولى تلزم الليبرالي بكراهية بني جلدته حتى الثمالة وتطالبه بهدر دمهم ولو كانوا إخوته ومن بطن أمه .. وغير تلك القائمة فقد أتيح له أيضا شتم الوهابية ما إستطاع سبيلا؟ لأن نظام آل سعود سمح بذلك بعد 11 سبتمبر، لينأى بنفسه من تبعات تلك الحادثة، حيث أوعز لوسائل إعلامه بإستئجار الأقلام المناسبة للمشاركة في تصيّد الفكاهات الفقهية كتحريم ميكي ماوس وإرضاع الكبير .. إلخ ( إضافة إلى مزيد من الإستثمارات في ميدان الفن وشراء الجواري وتوظيف القوادين)
3ـ تلك الألف باء المشار إليها قد لا تشرح الأمور بما يكفي ولغرض التعمق أقترح على المبتدئ بسلوك طريق المدرسة الليبرالية السهلة خصوصا إذا كان يعيش في أقاصي الأرض وتفصله عن أرضه المحيطات ويمكننا إختصارا أن نسميها:
ـ المدرسة الساذجة
ـ المدرسة السمجة:
مدرسة الدعاة:
روائعك عديدة إنما تفوقت بهذا التشخيص الدقيق والربط الذكي--فالليبرالية العربية تشبه تماماً حمل بوش لسماعة الهاتف كما في الصورة المعروضة هنا--مع ثقة الليبراليون بأن أصواتهم مسموعة وآذانهم صاغية--وإن كانت السماعة معكوسة!!--تحيتي وتقديري0
ردحذفو اذا حاولت أن أقلد طرق التفسير الظاهرية و الباطنية فأنا ظاهريا فقعت بالضحك أثناء قراءة المقال و باطنيا فأعتقد أني أحتاج لأكثر من 3 أسابيع لكي أستوعب مقالك هذا - كي يتحول لنسق معرفي ! كما يقول شخص يدعى نادر قريط ، من حين لآخر يتفوق على نفسه -
ردحذفمع التحية
فعلا تعلم اليبرالية في ثلاث أيام وخصوصا اليبرالية على الطريقة ( السعو-وهابية ) بقيادة النابلسي
ردحذفتحية عطرة
أكثر من رائع وسلاسة لذيذة
ردحذفمنطق التعرية والإنجراف والتجريف الطوعي هو الأهم في كتاباتك ياأخ نادر فحالنا يحتاج جسر جوي على مدى اليوم حتى يتسنى لنا مقاومة التصحر الفكري الذي نغرق فيه كرها وطوعا
ردحذفماليزيا ليست دولة اسلامية بل هي دولة قائمة على أساس علماني ولكن تقطنها أغلبية مسلمة وأساس نهضتها هي الأسس العلمانية التي وضعها مهاتير محمد والعنصر البشري المؤثر فيها من الناحية الاقتصادية هي الأقلية الماوية من أصول صينية غير مسلمة وهي لو كانت تطبق تعاليم الاسلام في شؤونها اليومية لكانت أصبحت مثل الصومال و بنغلاديش
ردحذفكفى نفاقآ
الليبراليون الكاتبون باللغة العربية لايمتوا لليبراليوا الغرب بأية صلة وينافوا أبسط قواعد الليبرالية في مواقفهم اليومية. الليبرالي الحقيقي هو من يقف مع المستضعفون والفقراء واللارأي لهم، أي مع البدون. الدين والطائفة هما مسيسا الليبراليون الكاتبون باللغة العربية. النابلسي مهرج وكتاباته إسهالات فكرية مسيسة وبالنهاية طائفي ومعة غبريال العنصري والآخر خليل العنصري الآخر اللذان لايخرجا عن ماخطه دينهما لهما في النهاية . الليبرالي الحقيق هو غير ديني وليبراليوا الشرق الأوسط ماهم إلا ليبراليون بعبايات وخوارنة ببدلات...الدين هو سبب مشاكل المنطقة والقول ينطبق على الفكر أيضاً.. أوافقك على تحقيب المنطقة تماماً. مع التحية والتقدير
ردحذف