المطأطئون وذهب رغد
GMT 16:00:00 2007 السبت 6 يناير
نادر قريط
مقالة النابلسي ( الأردنيون وذهب رغد ) صورة من المشهد الكتابي العربي، المشحون بالتنافر اللونيّ والعقلي وإلإشكالي..وصوت يصرخ في سوق الهرج والمرج، وسط رهط من الباعة المنادين على الخيار الإستراتيجي، والبصل الأيديولوجي..
لكن قبل الإستفاضة أسجل حزني للفراغ المدويّ الذي أحدثه رحيل إدوارد سعيد، فهو من القلائل الذين خلعوا بداوتهم وارتدوا ثوب الإنسان. في حين استمر المشهد الكتابي العربي رحلة بداوته وقحطه، كما كان شأنه في سالف الأيام، إنه نفس المشهد، الذي أدمن تملق السلطة والقوة، ولحس الأصابع وانتظار الولائم الدسمة..
وكي لاأتهم بالمغالاة أعود إلى المقالة أعلاه ولكاتبها الليبرالي جدا جدا: في البدء لم تكن الكلمة بل كانت سقطة مروعة، فالكاتب بدأ مستهزئا بالعقيد القذافي وجمهورية الهبل والجنون ( على حد تعبيره) لمجرد دعوته اليهود والمسيحيين بالطواف حول الكعبة ؟؟ في هذه اللحظة نسيّ الكاتب المضمون التقدمي والتنويري المتمدن في دعوة القذافي ولم يقبلها منه، ولو على مبدأ ( خذ الحكمة من أفواه المجانين)فجأة نسيّ ليبراليته تاركا للمداهنة وبعض البداوة الوهابية تصرخ في أعماقه!! فمالذي يمنع من فتح المدن المقدسة جميعها، للزوار والأجانب والسيّاح والفضوليين وحاملي الكاميرات، ولابسي السراويل القصيرة؟؟
ثم يعود الكاتب ليسأل : هل هذا الحزن العارم ، وفاء من الشعب الأردني للذي غمره بالبترول المجاني؟ ألا يقفز هذا السؤال فوق حقيقة التحالف التاريخي بين صدام والملك حسين الذي شارك في قادسيته الدامية، وفتح عقبته لكل الأسلحة والصفقات، وأرسل بيده قذيفة مدفع لإيران إنتقاما لصديقه الشاه!!وبالتالي رهن مصير الأردن واقتصاده في مسار معلوم؟أم أن ذلك من فعلة أبناء المخيمات البائسة ومخططاتهم الإستراتيجية الجهنمية؟ ألم يكن الملك الراحل شريكا في تقبيل أكتاف صدام يوم احتلال الكويت، أم أن الكاتب ينتقي من المشهد صورة ياسر عرفات ( بطل القبلات القومية ) الذي اتهمه بنكران جميل الكويت وعضّ أيديها البيضاء وأموالها الطائلة..أي ثقب منطقي في هذا الكلام: أليس حريا بأبي عمار ( وهو رجل يعرف من أين تؤكل الكتف ) أن يتشبث بأموال الكويت ولا يعدو خلف سراب صدام الخادع؟ خصوصا أن الأخير مربي خصمه اللدود أبو نضال، والمتهم بقتل عزالدين القلق، وسعيد حمامي ( خلصاء ياسر عرفات )؟؟
لكن مايثير حقا قول الكاتب : إنني أطأطئ رأسي خجلا أمام شعب العراق، وأرامل العراق، وأطفال العراق...الذين كانوا ضحية للجلاد الذي تم شنقه بالأمس؟؟ هل سيطأطئ رأسه أيضا لمثات الألوف ممن سحقتهم عربات الهامفي والهمر، وللجثث الملقاة في أرض الرافدين دون أن تجد من يواريها الثرى، وهل سينحني للآلاف الأرامل واليتامى في ديمقراطية الغابة ومثاقبها الطائفية...لا أنتظر ذلك منه، لأني أعرف من ولمن يطأطئ البعض رأسه؟ملاحظة: أنهيت كتابة النص أعلاه ولم أتقاض شيئا من العقيد دام ظله وظلال خيمته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق